الباحث مصطفى ملكو: ميزانية 2017 مجرد عبارات إنشائية، وهذه حججي

الباحث مصطفى ملكو: ميزانية 2017 مجرد عبارات إنشائية، وهذه حججي

استشهد الباحث المتخصص في الاقتصاد الأستاذ مصطفى ملكو، بمقتطف من خطاب الملك، بمناسبة ذكرى عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2014، "إننا نعتقد أن النموذج التنموي المغربي، قد بلغ درجة من النضج، تؤهلنا لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة، لتحديد جدوى السياسات العمومية، والوقوف على درجة تأثيرها الملموس على حياة المواطنين"، كقاعدة في قراءته الأولية في قانون المالية برسم سنة 2017. واستخلص من قراءته "أن الحكومة المغربية تقترف ستة 06 متمنيات لا علاقة لها بالتنمية وعائداتها. وقال في هذا السياق "بالاختصار المفيد، نحن أمام قانون مالية وُضِعَ للاستئناس والاستبشار خيراً عسى ربُّنا يقلص من فجوة العجوزات ويخفف من كَلْكَل المديونية". ليخلص إلى سؤال حارق: "اين هي عائدات التنمية؟؟". نقدم لقراء "أنفاس بريس" نص القراءة النقدية المتضمنة لأرقام صادمة:

"أنطلق من خطاب صاحب الجلالة للقول أن المُفَكَّرَ فيه هو أن نموذجنا التنموي وصل إلى الباب المسدود ويجب إعادة النظر في سياساتنا العمومية التي لم يعد لها تأثير إيجابي يُذْكر على حياة المواطنين، بل على العكس إذ اتسعت رقعة الفقر أكثر من 6 مليون مغربي يعيشون بمحاذاة خط الفقر و%40 من المغاربة يعيشون شظف العيش، %65 منهم في العالم القروي؛ المعدل العام للبطالة لا يتزحزح، بل على النقيض من ذلك ارتفع ليناهز %10 مع التنويه أن بطالة الشباب المتعلم وصلت المحظور بنسبة %35، وهذا إهدار بَيِّن لمواردنا الشابة، وبأثر رجعي إهدار لميزانيات بكاملها على تعليم لم يعد ينتج إلا جحافل المعطلين.

والأنكى أنّ مُعامِل "جيني"Coefficient de Gini  المتعلّق بالفوارق الطبقية و الجهوية فيما يخصُّ الدّخل والاستفادة من الخدمات العمومية من أسوء المعدلات "0،41 مِن 1 (واحد)"، يعني أن %41 من المغاربة يعانون من الفوارق الطبقية الحادة. عجوزات بنيوية بالجملة بالميزان التجاري، بميزان المدفوعات، بالتنمية البشرية، بالميزانية العامة؛ تقهقر بأرصدتنا الأجنبية بالعملة الصعبة، جفاف في السيولة النقدية الداخلية بسبب منافسة الخزينة العمومية للمقاولات للظفر بالادخار العمومي المتاح والهزيل أصلاً، أمّا المديونية، فحدِّث ولا حرج إذ بلغت اليوم %85 من ناتجنا الداخلي الخام، والوضع مُرَشّحٌ للتفاقم إذا عَلِمْنا فيما تُصْرَفُ موارد الاستدانة في نفقات التسيير الغير المنتجة لجهاز الدولة على حساب نفقات الاستثمار البنيوية.

ما أخشاه هو أن المغرب يسدّد مديونيته بالاستدانة وليس بفوائض التنمية لأن تنميتنا رَثّة لا تخلق ثروة وطنية بل فوائض قيمة لا نرى لها أثراً على إيرادات الخزينة العمومية.. الأدهى والأنكى أن مديونيتنا غالية التكلفة من حيث سعر الفائدة "بين %4,5 و %5" في تناقض تام مع التصنيف الائتماني للدَّين السيادي لبلدنا، وبهذه الأسعار المُكْلِفة سوف يتضاعف ما بذمتنا من ديون في أفق العشرية المقبلة.

التخوُّف كلّ التخوف هو أن المغرب لا قدّر الله قد يصبح عاجزا عن الوفاء بالدين في أفق الخمسية القادمة إذا عَلِمنا أن أجال استحقاق ديوننا متمركزة على المدى القصير والمتوسط "بين سنتين وخمس سنوات" في حال لم يجدّد الدائنون الثقة في المغرب لإقراضه خشية التَعَثُّر في الوفاء بالدين.

وماذا تقدّم لنا الحكومة بالميزانية؟ ميزانية عبارة عن إنْشاء ومتمنيات وحَشْوٌ لمواضيع لا تمت بصلة إلى ما يجب أن تكون عليه الميزانية؛ ميزانية لا تحترم المواصفات المتعارف عليها دوليا في المبنى والمعنى.

وهذه بعض الملاحظات على سبيل الذِّكْر لا الحصر:

- توقعات تنمية غير موثقة تنم عن تفاؤل ساذج .

- عدم الأخذ بعين الاعتبار في إنزال التوقعات للسياسة التقشفية التي اتخذتها فرنسا وإسبانيا الشريكين التجاريين الأساسيين لبلدنا.

- ميزانية تفتقر إلى الموازنة بين المشاريع و بين مصادر التمويل.

- ميزانية غير مقروءة لطالما لا تحمل في طيَّاتها الإنجازات المرقمة للسنتين الفارطتين لغرض المقارنة.

- قانون مالية تحصيل حاصل النفقات مقابل الاستبشار خيراً بالإيرادات والمداخيل التي تبقى في علم الغيب.

- قانون مالية وُضِع للتَذَكُّر وليس للأجْرَأة والإنجاز.

 

بالاختصار المفيد، نحن أمام قانون مالية وُضِعَ للاستئناس والاستبشار خيراً عسى ربُّنا يقلص من فجوة العجوزات و يخفف من كَلْكَل المديونية..."