على كلّ حال أحزابنا ليست إلا مرايا عاكسة لِلَوْثات مجتمعنا المغربي الّذي علينا أن نحلّله بِمِبْضع و بمفردات Corpus & logiciels العقيدة و القبيلة و الغنيمة و ليس بآليات تحليل المجتمعات الّتي تخلّصت من إرث القرون الوسطى.
لكن هذه المعاينة البئيسة للشأن الداخلي للأحزاب التاريخيّة لا تعفي المُحَلّل المُنصف من الاعتراف أن أحزابنا عانت كذلك على مدى خمسة عقود و لا زالت من الاختراقات و من التطويع المنهجي غايته التدجين تارة بالترغيب و طوراً بالتّرهيب، حتّى أصبحَت هذه الأحزاب ليس أكثر من صناديق رَجْعِ الصدى Caisses de résonance ! ، لا مناص كذلك من الأخذ بعين الاعتبار بنية نسقنا السيّاسي المُسَيّج بإحكام بحيث لا يسمح للأحزاب في أحْسن الأحوال إلا بالمشاركة في السلطة بمعيّة الملك في المجال المشترك (السيّاسة الدّاخليّة) و ليس الحُكْم الذي يبقى الملك هو مركز وَحْدَتِه و تمركزه.
لا داعي للتذكير أنَّ هناك مجال خاص بالملك لا يحق للأحزاب حتّى المشاركة منها في حكومة صاحب الجلالة أن تقترب منه و أحرى أن تُدْلي بالمشورة فيه.
خلاصة القول تقودني إلى الاستنتاج أنّ المؤسسة الملكية هي الفاعل المركزي في نسقنا السياسي تحدّد لكل حزب و وظيفة مرسومة سلفا، و عليه فإنّ معارضة صاحب الجلالة مَنوط بها تلميع صورة المغرب من داخل قبّة البرلمان بنوبات بلاغية حول الديموقراطية و حقوق الإنسان و فصل السلط.
أمّا حكومة صاحب الجلالة فمنوط بها أن تسوّق لبرامج صاحب الجلالة و الترافع في المحافل الدوليّة عن ما يحدّدُه جلالته من قضايا في خدمة مملكته العامرة.
المعارضة مَرْثيّةٌ و الحكومةُ "مِحْرقة " و أحْلى التموقعات مُرٌّ.
مَسَاكين يا أهْل الهوى...السيّاسي!!!