الماحي: هذه خلفيات التهجم على رئاسة النيابة العامة.. ومن يتحدث عن التغول عقيم فكريا

الماحي: هذه خلفيات التهجم على رئاسة النيابة العامة.. ومن يتحدث عن التغول عقيم فكريا عز الدين الماحي
نفى عز الدين الماحي، مدير مجلة محاكمة، وهي مجلة متخصصة في الدراسات القانونية، أن تكون هناك سلطة رابعة يتمتع بها رئيس النيابة العامة ويزاحم بها المجلس الأعلى للسلطة القضائية في علاقته بجميع القضاة، وذلك على خلفية إحالته تقريره السنوي على مجلسي النواب والمستشارين..
فيما يلي الحوار الكامل الذي أجرته جريدة "أنفاس بريس"، مع الماحي:
+مع إصدار أحكام أحداث الحسيمة، عاد من جديد الحديث عن تغول النيابة العامة، كيف تتلقى تداول هذا المصطلح واستخدامه من قبل قيادات حزبية؟
++الواقع أن عبارة تغول النيابة العامة كما يحلو للبعض ترديدها، وكما سبق لي أن قلته في العديد من اللقاءات أضحت بالية ومتجاوزة، وتنم عن العقم المعرفي لأنها من نسج الخيال. فعبارة التغول المشتقة من الغول، استعملت في فترة من الأوقات لزرع الرهبة والخوف في نفوس الصغار والأطفال إلى جانب ربيباتها من مفاهيم أخرى من قبيل ماماغولا.. وعليه أعتقد أن توظيف هذا المصطلح وإسقاطه على النيابة العامة بعد استقلالها بموجب القانون 33|17 هو قول خيالي وليس واقعي، ينم بالتبعية عن فكر خيالي لازال يتحدث عن صكوك الغفران ويسعى الدخول إلى التاريخ من بابه الضيق
وحتى إن سايرنا هذا الفكر البالي المركب فإننا نتساءل عن طبيعة وماهية هذا التغول وتجلياته حاليا من طرف النيابات العامة بالمحاكم، فالاستقلالية لم تمض عليها كخيار مجتمعي بكل مكوناته وأطيافه إلا ردحا قصيرا من الزمن، أبانت من خلالها رئاسة النيابة العامة عن علو كعبها من حيث تواصلها مع جميع الفعاليات واهتمامها المتميز بالمواطنين، من خلال إيلاء عناية خاصة للمشتكين وشكاياتهم، ويكفي الرجوع إلى مختلف المناشير الصادرة عن رئيس النيابة العامة الموجهة لمسؤولي النيابات العامة والتي تتحد في ماهيتها وكنهها وأبعادها على استحضار البعد الإنساني في التعامل مع جميع المساطر والقضايا وفق ما يمليه القانون.
فالحقيقة التي يجب ألا تغرب عن أذهاننا أن تقييم تجربة رئاسة النيابة العامة بنوع من الارتجالية والهرولة والتسرع وبخلفيات تسعى إلى خلق الشك والريبة مستندة على ثقافة الضد من أجل الضد والاتجاه المعاكس، لن تستطيع الصمود ومواكبة المؤشرات الحالية لرئاسة النيابة العامة والتي أجمع ويجمع عليها العديد من المهتمين بأنها مؤشرات إيجابية بل حتى المواطن نوه بذلك، ولنا في تجربة الخط المباشر للتبليغ عن المرتشين خير نموذج على ذلك فعن أي تغول نتحدث؟ كيف ذلك ولا أحد منا يتنكر لباقي الأدوار الإيجابية التي تقوم بها النيابة العامة داخل المجتمع بل نتساءل مرة أخرى عن الآليات والوسائل التي يملكها رئيس النيابة العامة للتغول؟
+ومع ذلك، تحدث أحد البرلمانيين مؤخرا، عن وجود سلطة رابعة تمثلها رئاسة النيابة العامة، وهو ما يطرح حقيقة صلاحيات هذا الجهاز القضائي؟
++إن القراءة المتأنية لمختلف النصوص المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية سيتضح له أن صلاحية الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة محدودة جدا فهي نفس الصلاحيات التي كان يتمتع بها السيد وزير العدل قبل تاريخ 10اكتوبر 2017, أي قبل صدور قانون 33|17الذي أوضخ علاقة رئيس النيابة العامة بباقي مسؤولي النيابات العامة بالمحاكم، والتي هي علاقة إشراف ليس إلا، يحكمها الدستور والقانون، وبالتالي ليست هناك سلطة رابعة يتمتع بها رئيس النيابة العامة ويزاحم بها المجلس الأعلى للسلطة القضائية في علاقته بجميع القضاة، بل علاقته بهذا المجلس تكمن في موافاته بتقارير عن قضاة النيابة العامة لتبنيها أو إبعادها.
وبالتالي لنا همسة في أذن البعض أما آن الأوان لتجاوز توظيف بعض المصطلحات التي تظل غريبة ولا تجد التربة الملائمة الحالية لترويجها، فالخيال والحقيقة لا يلتقيان.
+على خلفية إحالة الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة تقريره السنوي على مجلسي النواب والمستشارين، أثير جدال واسع وصل إلى اعتباره من طرف البعض سلوكا غير قانوني وأنه كان من المفروض أن تتم الإحالة من طرف الرئيس المنتدب، للسلطة القضائية، كيف ترد؟
++أعتقد ان هذا الطرح يظل غير سليم، فإحالة رئيس النيابة العامة التقرير على البرلمان بغرفتيه تم في إطار فتح باب التواصل الذي تبنته رئاسة النيابة العامة ليس إلا، لأنه ليس في الدستور ولا قانون33|17ما يستلزم تلك الإحالة، فضلا على أن ذلك التقرير يتضمن أرقاما وإحصائيات ذات صلة بعمل النيابات العامة بالمحاكم ولا يتحدث عن تدبير الوضعيات الإدارية والمهنية للقضاة، إذ يظل المجلس الأعلى للسلطة القضائية هو صاحب الاختصاص في هذا الشأن،
فالدستور وقرار المجلس الدستوري أي المحكمة الدستورية منعا رئيس النيابة العامة من الحضور بالبرلمان لمناقشة تقاريره ومساءلته، وعليه لو لم يكن هذا المانع لا أعتقد أن رئيس النيابة العامة سيرفض هذا اللقاء أو الدعوة إن وجهت له لأنها ستكون مناسبة للحوار وإزالة النقط الضبابية التي لا شك انها ستذوب بالمصارحة والمكاشفة، فما أصعب أن يقال في حق الإنسان أي شيء ويجد نفسه مغلولا ومحروما من الدفاع عن نفسه ومحيطه لأن التلبيس والذي هو من عمل ابليس سيظل يلاحقه.
إن من يريد أن يدخل إلى التاريخ عليه أن يملك الحكامة في التحليل والنظرة الثاقبة الهادئة التي تعرف ما لها وماعليها.. وفي غياب هذا كله سنكون لا محالة أمام انحراف معرفي عمودي وأفقي يجابه بالعمل الصادق والجاد لما فيه خير لهذا الوطن الذي يحتاج لتضحيات رجال غيورين عليه متشبعين بالمواطنة الايجابية.. لا المزايدات السياسية المتجاوزة، فالزمن الذي كان فيه كلمة السياسي مؤثرة في الشارع وفي الرأي العام ولى، أي أن كلمة السياسي لم تعد مسموعة بل تحول إلى شاهد زور، وعليه فإن حبل الترقيع أصبح أهون من بيت العنكبوت في هذا الشأن.