نعيش فوضانا بإرادتنا جميعا ، دولة و مجتمعا ، و نؤسس علاقات مبنية على التوثر و الكراهية عوض الاستقرار و المحبة .
مثال واحد أسوقه ، مثال نعيشه يوميا في مدننا و قرانا ، في شوارعنا و أحيائنا . مثال عنوانه العلاقة بين المصلحة الخاصة و المصلحة العامة ، و عنوانه الآخر الأكثر تعبيرا ، انا و بعدي الطوفان .
المثال يتعلق بالفضاء الذي يجمعنا صباح مساء ، تسير في الشارع ماذا تجد ؟
تعودت أن أقوم بجولة مسائية كل يوم بشارع 2 مارس الشهير بمدينة الدار البيضاء ، ماذا أجد ؟ لا أجد في الحقيقة مكانا للراجلين ، حيث سجلت على الأقل ثلاثة أنواع من احتلال هذا الفضاء ، أي الخاص بالراجلين ، و الذين لا يصبح أمامهم إلا خيار السير في الشارع بجانب السيارات و الحافلات و الدراجات مع ما في ذلك من خطورة على حياتهم .
النوع الأول من الاحتلال ، و هو نوع صارخ و مستفز جدا ، يتعلق بسيارات تقف في المكان المخصص للراجلين ، و على مرأى و مسمع من رجال الأمن و ممثلي السلطات العمومية الذين يمرون يوميا من هذا الشارع أو به مقر سكناهم .
النوع الثاني أن مالكي جل العمارات يبنون حدائق صغيرة أمام باب عماراتهم تمنع الراجلين من حقهم في استعمال الفضاء العمومي الخاص بهم .
النوع الثالث أن أصحاب المحلات التجارية و المقاهي قد ضربوا الرقم القياسي في احتلال الملك العمومي ، حيث تجد أمام محلاتهم و مقاهيهم سلعا و كراسي و طاولات ، و المضحك المبكي أن بعض المقاهي تعدت هذا الفضاء العام و الممنوع قانونا ، إلى وضع كراسيهم و طاولاتهم في الشارع أيضا حيث أصبح الراجلون و السيارات على حد سواء يتزاحمون لايجاد ممر ، و يا لها من فوضى .
السؤال من المسؤول ؟ في الحقيقة الجميع مسؤول .
الدولة بتهاونها في تطبيق القانون الذي يضمن لكل واحد حقة ، للراجل و الراكب ، لأصحاب العمارات السكنية ، و لأصحاب المحلات التجارية و المقاهي .
و المواطن مسؤول بعدم احترامه حقوق الآخرين ، و الاكتفاء بحقه الواضح و الذي يعرفه جيدا و مع ذلك يغض الطرف عن ذلك و لا يجد مسؤولا عن تطبيق القانون يجزره .
السؤال الثاني : إلى متى تستمر هذه الفوضى ؟ في الحقيقة لا أدري ، فقط أقول أنها مسؤوليتنا جميعا ، أنها مسألة تربية و ثقافة ، مسألة سلطة و قانون ، مسألة دولة و مجتمع ...