في مراكش ستعقد الدورة 22 لمؤتمر الدول الأطراف الموقعة على " اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "، وهي اتفاقية هدفها النهائي هو تثبيت مستويات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي للحيلولة دون إلحاق ضرر بالنظام المناخي. ومنذ توقيع هذه الاتفاقية سنة 1992 ودخولها حيز التنفيذ سنتين بعد ذلك، كانت هناك محطات رئيسية ومنعطفات بشأن تطبيقها، أبرزها مؤتمر كيوتو 2007 ومؤتمر باريس 2015 ،هذا الأخير تمخض عنه هو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ. يهدف إلى احتواء الاحترار العالمي لأقل من 2 درجات و يسعى لحده في 1.55 درجة. ووضع كحد أدنى 100 مليار دولار كمساعدات مناخيةللدول النامية سنويا. اليوم، هناك وعي بأن المستقبل محفوف بمخاطر عدة، يقتضي من جهة أن تلتزم الدول ،والصناعية بالخصوص، بالتحكم في نسب غازاتها كي لا تتجاوز ما يتم الاتفاق حوله، ومن جهة ثانية، جبر الضرر الذي خلفته السياسات التصنيعية بالدول العظمى ،والغرب عموما، والتي من ضحاياها إفريقيا وأمريكا الجنوبية . ودون شك فإن مراكش ستسائل الأطراف المعنية عن التزاماتها في توفير المئة مليار التي وعدت بها . إن جشع الحاضر بدأ يولد ظواهر خطيرة من شأنها إعدام مستقبل الأرض . . هاهي الأمطار بدأت تفقد وتيرة هطولها وتصاب بسعار يضرب بهستيريا مناطق عدة ويخلف طوفانا يجرف البشر والحيوانات والتربة ويغرق مدنا وقرى ،وبعد عقود ،إن لم يتم التخلي عن هذا الجشع، ستبتلع الصحراء مناطق واسعة وتلتهم مساحات فلاحية وتحل رمالها ككثبان بالشوارع والأزقة ،ويغمر البحر سواحل وشواطئ مدن وتختفي مئات الجزر ،بعضها دول ذات سيادة ،لارتفاع مستوى المياه بسبب تسارع ذوبان جليد القطبين ، وستلج إلى رئة الإنسان وهو يتنفس، غازات أكثر، جلها سامة، ستتولد عنها أمراض وعاهات وحالات قلق مزمن و توترات نفسية، وستندثر آلاف الكائنات الحية التي لها ،دون شك، أدوار في توازنات البيئة والطبيعة . هذه بعض ملامح مستقبلنا إن أصرت الدول المصنعة على جشعها تبحث عن الربح على حساب مستقبل الأرض. وإن لم تتغير علاقة البشر في التعامل مع بيئته بدل الاستهتار بها وتلويثها. وإن لم يترسخ الوعي، ثقافة وسلوكا، بكل ذلك، بدل أن يبقى موضة مرتبطة بشكل انتهازي في غالبيتها بالحدث تبحث عن تذكرة سفر وغرفة إقامة وجولة سياحية ... مؤتمر مراكش محطة مفصلية للتقييم ولتوضيح الآفاق وتحديد المسؤوليات ، نتمنى أن يوفق المغرب في تنظيمه وفي إنجاح مفاوضاته وإيجابية خلاصاته وقراراته.