محمد الغفري: المغاربة تحكمهم حكومة النقد الدولي برئاسة بنكيران

محمد الغفري: المغاربة تحكمهم حكومة النقد الدولي برئاسة بنكيران

في حوار لـ " أنفاس بريس" مع الأستاذ محمد الغفري منسق شبكة التضامن من أجل الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية قال بأن الحكومة "هي ليست حكومة بنكيران، هي حكومة صندوق النقد الدولي، يرأسها بنكيران، فالوضع المعيشي للمواطن المغربي في تقهقر متزايد، الأجور مجمدة والغلاء في ارتفاع وهو على العموم غلاء غير مبرر، ففي الوقت الدي انخفضت فيه أسعار المحروقات في الأسواق العالمية مازالت في بلادنا تباع بأسعارمرتفعةجدا، أما المواد والمنتوجات المحلية والتي لا تخضع لتقلبات الأسواق العالمية ورغم أنها متوفرة إلا أنه يرتفع ثمنها بسبب المضاربة بعلم أجهزة الدولة". في نص الحوار أدناه تطرق الغفري إلى العديد من القضايا نترك للقراء فرصة الاطلاع عليها.

 

++ كيف تقرؤون الخطوط العريضة لمشروع القانون المالي برسم سنة 2017؟

القانون المالي برسم سنة 2017 يتميز باستمرار سياسة التقشف وخاصة اتجاه القطاعات الاجتماعية، حيث تم تخفيض ميزانيات وزارات الصحة والتعليم والتشغيل والأسرة والمرأة والصناعة التقليدية، بل أن التوظيفلن يتجاوز 24000 منصب شغل علما أنه سنويا تتخرج حوالي 150000 من مختلف أسلاك التكوين، وفي الوقت الذي تعرف فيه قطاعات حكومية نقص فضيع في الموارد البشرية  والقطاع الدي أخذ النصيب الأكبر منالتوظيف هو قطاع الأمن أي أن الحكومة تتوقع المزيد من الاحتجاجات على سياساتها اللاشعبية وتستمر في حشد وسائل القمع بدل الاستثمار أكثر في التعليم والصحة... إذا هو قانون مالي يؤكد رفع الدولة يدها عن القطاعات الاجتماعية ويخدم مصالح صندوق النقد الدولي ويترجم إملاءاته ويضرب في العمق المصالح الاستراتيجية للشعب المغربي  .

++ مع تفاقم حجم الأزمة مقابل قرارات جائرة لحكومة بن كيران طيلة الولاية السابقة، وحيث أن مشروع القانون المالي برسم 2017 جاء مخيبا لآمال الشعب، كيف تقيمون الوضع المعيشي للمواطن المغربي اليوم على جميع المستويات؟

هي ليست حكومة بنكيران، هي حكومة صندوق النقد الدولي، يرأسها بنكيران، فالوضع المعيشي للمواطن المغربي في تقهقر متزايد، الأجور مجمدة والغلاء في ارتفاع وهو على العموم غلاء غير مبرر، ففي الوقت الدي انخفضت فيه أسعار المحروقات في الأسواق العالمية مازالت في بلادنا تباع بأسعار مرتفعة جدا، أما المواد والمنتوجات المحلية والتي لا تخضع لتقلبات الأسواق العالمية ورغم أنها متوفرة إلا أنه يرتفع ثمنها بسبب المضاربة بعلم أجهزة الدولة، فالسمك مثلا يباع في السوق السوداء ثلاث أو أربع مرات قبل أن يصل إلى المستهلك ونفس الشيء بالنسبة للخضر دون أن تستفيد خزينة الدولة من عمليات المضاربة هذه، وفي الوقت الذي يباع فيه السردين بـ 15 درهم اإلى 20 درهم في الأسواق المغربية نزل إلى 6 دراهم  في الحسيمة بموازاة مع أحداث قضية محسن فكري شهيد لقمة العيش، وكنا في تنسيقيات مناهضة الغلاء قد طالبنا بتجريم المضاربة الا أن الحكومات المتعاقبة تنهج سياسات تنتج وتؤدي إلى غلاء المعيشة ليس فقط بصمتها على المضاربة بل وغياب أي استراتيجية لحماية السوق الداخلي. كيف يعقل أننا بلد فلاحي و نتجه للسوق العالمية لاستراد العدس وبأي ثمن؟ والمواطن بدون حماية يواجه وحده هذا الخطأ التدبيري الفادح ووحده المواطن يسحق أمام هذه السياسات اللاشعبية بل ورغم ان المواطن سيؤدي ضرائبه وله في المقابل أن يستفيد من خدمة عمومية وفق المعايير المتعارف عليها دوليا وحقوقيا  نجده مضطرا للمساهمة المالية من أجل أمن العمارة أو الحي أوموقف السيارة و غلى التوجه إلى المستشفيات الخاصة للتطبيب وللمدارس الخاصة لتعليم أبنائه مما يرهق نفقات الأسر، بل وبعضها هذه السنة سحب أبنائه من المدارس الخاصة في اتجاه التعليم العام نظرا لتدهور قدرتهم الشرائية .وبالتالي حكومة بنكيران نجحت في إرضاء صندوق النقد الدولي بتحجيم الانفاق العمومي في كل المجالات بما فيها الاستراتيجية وتبقى سياستها اللاجتماعية للأسف تنعكس سلبا على الصحة النفسية للمواطنين وعلى استقرار الاسر وتماسكها.

ما هي أنجح السبل اليوم لمواجهة  الهجمة الشرسة على القوت اليومي للمغاربة، في ظل سياسة اجتماعية قاسية لم تنتج سوى جحافل المعطلين والإجهاز على مكتسبات الطبقة المتوسطة؟

أمام سياسة لاشعبية ولااجتماعية ولاديمقراطية تجهز على المكتسبات يجب التصدي إليها بالنضال الجماهيري الوحدوي،أي تجمع ديمقراطي مشكل من النقابات المناضلة والاحزاب الديمقراطية التقدمية والجمعيات الحقوقية، فالنضال في الشارع وحده منذ 2011 هو الذي يحقق مطالب المغاربة وآخر مثال قضية شهيد لقمة العيش محسن فكري، حيث أدى نزول المغاربة إلى الشارع في أكثر من 50 مدينة وبشكل حضاري وبمشاركة مختلف التيارات اليسارية والامازيغية والاسلامية والديمقراطية والعلمانية ولم يحدث مايكدر هذه الاحتجاجات، بل توحد الجميع على مطلب واحد هو عدم إفلات الجناة من العقاب وتطبيق القانون على الجميع أي أن لايكون في هذه البلاد من هو فوق القانون أو لاتطاله المحاسبة، مما أدى إلى اعتقال 11 من المشتبه فيهم احتفظ بـ 8 منهم في هده النازلة في انتظار أن يقول القضاء كلمته.

إذا النضال الجماهيري الوحدوي هو سبيلنا لمواجهة السياسات اللاجتماعية.

لماذا في رأيكم غياب لوبيات ضاغطة توصل صوتها داخل قبة البرلمان، للترافع على المطالب الشعبية و الاجتماعية الملحة لحماية المستهلك المغربي من جشع المضاربين؟

للأسف ضعف الحركات الجماهيرية ناتج عن عطبين أساسيين، الاول التشتت بدل الوحدة والثاني ضعف الديمقراطية الداخلية، ومع ذلك وإن وجدت في قطاع ما جماعة ضغط موحدة في الهدف فصعب جدا أن تجد في البرلمان بغرفتيه فريقا برلمانيا يتبنى القضايا الجوهرية للشعب المغربي فالمشهد السياسي للأسف في بلادنا مزور شأنه شأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فعندما تشارك في العملية الانتخابية  6 ملايين من أصل ال 28 مليون التي هي في سن التصويت فأقل مايمكن القول عنها أنها لاتعكس الواقع ونفس الشيء في البرلمان بغرفتيه فهو لايعكس كل التيارات والقوى الحية للشعب المغربي فقط يمكن الاعتماد بداخله على مستشاري مركزيتين نقابيتين ( ك د ش و ا م ش ) ونائبين عن فدرالية اليسار الديمقراطي، وهي الإطارات المنخرطة فعلا في الشارع إلى جانب الجماهير في قضاياها ومطالبها.

الدستور المغربي أقر مجموعة من الحقوق والواجبات، ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف حجرة عثرة أمام أجرأة وتفعيل مضامين دستور المملكة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؟

الدستور المغربي الممنوح في 2011 تكلم على العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لكنه لم يقرها كحقوق تضمنها الدولة المغربية بل فقط ذكر أن الدولة ستيسر سبل الاستفادة من هذه الحقوق، وأن الدستور المغربي على خلاف الدساتير السابقة، دسترة الرأسمالية كنظام أوحد للمغرب والكل يعلم  مامعنى دسترة الرأسمالية، أي أن الدولة لن تدعم القطاعات الاجتماعية والقطاعات الاستراتيجية بل الدولة المغربية خوصصت، أو بلغة العامة "باعت" جل القطاعات الاستراتيجية ماء كهرباء نقل صحة تعليم تكرير بترول أزبال والأمن أيضا وما يوجد من فقرات في الدستور المغربي تجدها تتوافق مع حقوق الانسان  تجدها أيضا تفتقد آليات التطبيق والأجرأة مما يجعلها مجرد حبر على ورق ويجعل من دستورنا كحكاية ألف ليلة وليلة، جميل أن تقرأه قبل النوم لتنعم بأحلام جميلة.

هل تعتمدون سياسة فتح جسور التواصل مع فرق برلمانية تتقاطعون معها على مستوى المقاربات قصد تمرير مطالبكم الحقوقية كشبكة للتضامن من اجل الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؟

نحن كشبكة للتضامن من أجل الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية مستعدون للتواصل مع أي  برلماني أومجموعة أوفريق برلماني لديه الاستعداد لتبليغ قضايا الشعب والدفاع عن المطالب الحقوقية للشعب المغربي. وذلك من أجل سن تشريع يحمي المواطن ويساءل المسؤول ومن أجل تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية.