فاعلون سياسيون ومدنيون يحذرون الحكومة من خطورة استمرارها في صم آذانها عن "المقاطعة"

فاعلون سياسيون ومدنيون يحذرون الحكومة من خطورة استمرارها في صم آذانها عن "المقاطعة"

أصدر مجموعة من الفاعلين السياسيين والمدنيين، إعلانا يحذرون في حكومة العثماني من الاستمرار في سياسة الهروب إلى الأمام، وصم الآذان عن مطالب الاحتجاجات الشعبية المتمثلة في كافة الأشكال، والتي من ضمنها حملة مقاطعة بعض المنتوجات الاستهلاكية، مشيرين في بيانهم أنه ينبغي التفاعل مع المقاطعة بما تستحقه من أهمية بالغة على حاضر البلاد ومستقبلها، واستخلاص الدروس مما جرى ويجري طيلة ثمانية أسابيع.. وفي ما يلي نص الإعلان كاملا:

"نحن، الموقعات والموقعين أسفله، مجموعة من الفاعلين السياسيين والمدنيين الذين ساءلتهم الصرخات التي أطلقها مواطنونا ومواطناتنا من خلال خوضهم لعدد من الاحتجاجات الاجتماعية في مناطق مختلفة من البلاد، آخرها حملة المقاطعة الجارية ضد بعض المنتجات، نعلن ما يلي:

- إن الأشكال الاحتجاجية التي يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة بشكل تصاعدي تستمد مبرراتها المشروعة من الوضع العام بالبلاد الذي يتسم بتفاقم فقدان الثقة وبمسلسل من الخيبات المتوالية. فبعد أن مثلت ظرفية 2011 جرعة أمل لدى المغاربة عموما، سرعان ما توالت النكسات وخيبات الأمل، جراء التنصل من وعود محاربة الفساد وتفكيك منظومة الريع وإصلاح القطاعات الاجتماعية وتفعيل مؤسسات الحكامة. وهو ما أدى إلى تنامي حراكات اجتماعية في مناطق مختلفة من البلاد، ردت عليها الدولة بنهج أسلوبها المعهود، الذي يبدأ بالتجاهل ثم ينتقل إلى التخوين فمحاولة الاحتواء ثم اللجوء إلى التهديد الذي ينتهي بالقمع.

- وإذا كانت حركة المقاطعة، التي انطلقت قبل ثمانية أسابيع، تندرج في هذا السياق العام، فإنها شكلت إبداعا في الاحتجاج لدى المغاربة، حيث مكنت المواطنات والمواطنين، بمختلف فئاتهم وجهاتهم، من التعبير والانخراط في حركية المجتمع، وأظهرت، في المقابل، محدودية المقاربة القمعية في وقف الاحتجاجات والحد من آثارها على أرض الواقع.

- إن حملة المقاطعة الجارية هاته مثلت بالفعل حركة احتجاجية ومطلبية جماهيرية غير مسبوقة. فرغم وجود محاولات سابقة لخوض المقاطعة، فلأول مرة استطاعت هذه المقاطعة أن تفرض نفسها بشكل بارز على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويرجع ذلك إلى أنها عبرت بشكل موحد عن معاناة شرائح واسعة ومختلفة من المجتمع، ونجحت في أن تُجْلِي بكل وضوح وبساطة أسباب الغضب الشعبي، التي يوجد من بينها ضرب القدرة الشرائية للمواطنين وتفاقم الفوارق الاجتماعية، نتيجة استمرار اقتصاد الريع وتفشي ظاهرة الرشوة وضعف السياسات الاجتماعية. كما شكلت، في الوقت نفسه، وسيلة ناجعة بيد المواطنين للحد من سطوة القمع الذي تلجأ إليه الدولة ضد المحتجين.

- إن سلوك الدولة الذي اتسم بعدم الإنصات ونهج سياسة القمع والإقصاء ضد حركة 20 فبراير، وضد بعض التيارات والتنظيمات السياسية المعارضة، وضد نشطاء المجتمع المدني، وضد شباب حراك الريف وجرادة وزاكورة ومناطق أخرى، وضد الصحافة المستقلة، ساهم في تجميع ضحايا سياساتها. فأصبحت الدولة بذلك وجها لوجه مع المحتجين وغضبهم، خاصة بعد إفلاس هياكل الوساطة وفقدان المواطنين لأي ثقة في أدوارها ووظائفها، فَسَادَ التخويف والترهيب، بدل إقامة جسور التواصل والثقة.

- إن لفقدان الثقة عواقب خطيرة. ولعل من بين ما ينجم عنه استعصاء تصحيح بعض المعطيات المغلوطة التي يجري تداولها بين الناس، بما فيها تلك التي تتداول على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي قد تساهم في إذكاء الغضب الاجتماعي.

- إن انعدام مصداقية وسائل الإعلام العمومي حرم البلاد من وسيلة ناجعة وضرورية للنقاش الديمقراطي، حيث تم الاكتفاء بمتابعات سطحية دون فتح المجال أمام محللين وفاعلين من مختلف الفعاليات والانتماءات لخوض نقاش جدي وعميق حول الأزمة القائمة (تشخيص الوضع وتحديد الأسباب وبحث سبل المعالجة)، لتبقى شبكات التواصل الاجتماعي المجال الوحيد لنقاش من المفروض أن تحتضنه وتساهم فيه وسائل الإعلام العمومي.

- لقد فضحت المقاطعة العجز التام للحكومة التي ظهرت معطلة وفاقدة لأية قدرة على تدبير تداعيات هذه الحركة الاحتجاجية/ المطلبية. فالخرجات غير المسؤولة لبعض وزرائها، وركونها إلى الصمت المطبق خلال الأيام الأولى للمقاطعة، وإمعانها في ممارسة التعتيم بعدم تمكين المواطنين بكل شفافية من المعطيات والمعلومات...، كل ذلك جعلها توجد في موقف المدافع عن الشركات المعنية بالمقاطعة. كما لوحظ، من جهة أخرى، سوء تفاعل المقاولات المستهدفة، ومن ثم سوء تدبيرها للأزمة، بسبب عدم إدراكها للبعد الهيكلي والاستراتيجي الذي يؤشر عليه هذا التطور والتحول في أشكال الاحتجاج والرفض لاستمرار الأوضاع على ما كانت عليه. وهو ما فاقم الأزمة بدل معالجتها وساهم في انتشار مناخ انعدام الثقة، الذي سيتعمق أكثر بسبب عدم تحمل مؤسسات أخرى لمسؤولياتها، بما فيها البرلمان الذي تأخر في عرض تقرير لجنة مجلس النواب المكلفة بالمهمة الاستطلاعية حول أسعار بيع المحروقات. وحتى بعد أن وقف التقرير على الأرباح المفرطة واللاأخلاقية التي جنتها شركات التوزيع منذ تحرير الأسعار، بدون ارتباط بالأسعار الدولية وفي غياب مجلس المنافسة وباقي آليات الرقابة، فإنه لم يُضَمَّن في توصياته أي مقترح لاسترجاع فائض تلك الأرباح قصد استثمارها في قطاعات اجتماعية ذات أولوية. ولما حامت الشبهات حول اتفاق شركات توزيع المحروقات حول الأسعار، في ضرب سافر للقوانين ولأخلاقيات المنافسة الشفافة والشريفة، اختارت اللجنة الصمت عن هذه الشبهات وفضلت تغليب المصالح الحزبية الضيقة على مصلحة المواطنين.

- إن اختيار الحاكمين "سياسة الانتظار" إلى أن تستنفد الحركة الاحتجاجية قوتها، دون إقدامهم على معالجة جوهر أسبابها ودون التجاوب مع مطالبها وانتظارات المواطنين، أصبح أسلوبا متجاوزا ولا يمكن، بأي حال من الأحوال وكما تؤكد التجارب المتوالية، إلا أن تتناسل عنه أشكال احتجاجية أخرى في المستقبل، عوض تفاديها.

- ومع ذلك، ينبغي الحذر من أن تقع المقاطعة في خطر الانزلاق والانتقال من الدفاع عن مطالب مشروعة وواضحة تخدم المواطنين وتسعى إلى مجتمع يسوده التكافؤ والتماسك والعدالة الاجتماعية، إلى إطلاق مطالب أقل مشروعية، كالدفع بها إلى التعويم الذي يمكن أن يفقدها مشروعيتها وفاعليتها.

- إن المسؤولية الوطنية تقتضي أن نجعل من الأزمة فرصة لتصحيح الأوضاع والعمل من أجل تقدم البلاد، سواء عبر تقديم حلول آنية أو تحديد الخطوات الضرورية والمقاربات الكفيلة بزرع القدر الكافي من الثقة وفتح آفاق حقيقية للإجابة الفعلية عن المطالب المشروعة الحالية والمستقبلية.

إننا، نحن الموقعين أسفله، نهدف، من خلال هذا الإعلان، إلى التنبيه إلى خطورة الأوضاع ببلادنا، والتي لا تشكل المقاطعة إلا أحد تعبيراتها الدالة. وإذا كانت حملة المقاطعة الجارية قد أبانت عن محدودية القمع المنهجي الذي ظلت تلجأ إليه الدولة لمواجهة الاحتجاجات الشعبية، فإننا نحذر من خطورة استمرار الدولة في سياسة الهروب إلى الأمام بنهج القمع، وندعو إلى التعاطي مع المقاطعة باعتبارها شكلا احتجاجيا لجأ إليه المغاربة، بعد أشكال احتجاجية أخرى، ليعبروا عن حجم الغليان والغضب من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية القائمة، وإلى التفاعل معها بما تستحقه من أهمية بالغة على حاضر البلاد ومستقبلها، واستخلاص الدروس مما جرى ويجري طيلة ثمانية أسابيع".

لائحة الموقعات والموقعين:

محمد مدني: أستاذ باحث؛ كمال المصباحي: اقتصادي؛ كريم التازي: فاعل سياسي وجمعوي؛ عبد القادر برادة: اقتصادي؛ عمر بلافريج: نائب برلماني؛ عبد الله حمودي: باحث أنتروبولوجي؛عبد الصمد صدوق: مهندس؛ عمر بندورو: أستاذ باحث؛ بشير راشدي: رئيس مقاولة؛ محمد الساسي: أستاذ باحث؛ حسن الشامي: رئيس مقاولة؛ نبيلة منيب: أستاذة باحثة؛ فؤاد عبد المومني: فاعل حقوقي؛ نجيب أقصبي: اقتصادي؛ رشيد الفيلالي المكناسي: ناشط جمعوي وحقوقي؛ عبد العزيز النويضي: محامي؛ أحمد البرنوصي: كاتب عام ترانبارنسي المغرب؛ كمال الحبيب: ناشط حقوقي؛ بشر بناني: ناشر؛ محمد حفيظ: أستاذ باحث؛ سعيدة الكامل: صحافية؛ أحمد السباعي: فاعل سياسي؛ أنس الحسناوي: فاعل جمعوي؛ حياة الزيراري: أستاذة باحثة؛ سعد بنكيران: فاعل جمعوي؛ فاضل العبدلاوي: رئيس مقاولة وفاعل سياسي؛ عز الدين أقصبي: اقتصادي؛ الطيب حمضي: طبيب؛ لطيفة البوحسيني: أستاذة باحثة؛ ياسين بزاز:  ناشط حقوقي؛ عياد ابلال: باحث وكاتب؛ رقية المصدق: أستاذة باحثة؛ خالد الفرقاني: إطار؛ نجاة الشنتوف: محامية وناشطة حقوقية؛ الطيب بلغازي: أستاذ باحث؛ محمد سعيد السعدي: اقتصادي؛ أحمد بوز: أستاذ باحث؛ عادل بنحمزة: كاتب؛ المعطي منجب: أستاذ باحث؛ حسن طارق: أستاذ باحث؛ خديجة حصالة: أستاذة باحثة وناشطة جمعوية؛ أحمد بوزيان: أستاذ باحث؛ مريم بنخويا: فاعلة جمعوية؛ عبد الجليل طليمات: كاتب؛ يوسف لعرج: فاعل مدني؛ رقية أشمال: فاعلة مدنية؛ نعيمة بنواكريم: ناشطة حقوقية ونسائية؛ سعاد الشنتوف: فاعلة نسائية؛ عبد الإله بنعبد السلام: فاعل حقوقي؛ مصطفى مفتاح: فاعل سياسي؛ فاطمة يحياوي: أستاذة باحثة؛ غسان وائل القرموني: صحافي؛ محمد بنهمو: ناشط سياسي؛ حسني المخلص: فنان مسرحي؛ محمد العود: مهندس؛ عبد المغيث بنمسعود تريدانو: أستاذ باحث؛ عثمان مخون: فاعل جمعوي؛ فؤاد الزيراري: فاعل جمعوي؛ محمد الشوبي: فنان مسرحي وسينمائي؛ فاطمة الزهراء الشافعي: فاعلة سياسية؛ نور الدين العوفي: اقتصادي؛ عدنان الجزولي: جامعي وفاعل حقوقي؛ إدريس كسيكس: كاتب وفاعل جمعوي؛ سلوى الزرهوني: أستاذة باحثة؛ الصديق لحرش: فاعل حقوقي؛ فاطمة الإفريقي: صحافية؛ نعيمة زيطان: مخرجة مسرحية؛ أحمد عصيد: كاتب وناشط أمازيغي؛ فتيحة أعرور: صحافية؛ عبد الله أبا عقيل: رئيس مقاولة وفاعل سياسي؛ رشيد البلغيثي: صحافي وناشط جمعوي؛ أحمد الهايج: فاعل حقوقي؛ عمر أربيب: فاعل حقوقي؛ العياشي تا كركرا: فاعل سياسي وحقوقي؛ يونس بنكيران: كاتب؛ عائشة الخيداني: أستاذة باحثة وفاعلة جمعوية...