مصطفى المنوزي: هل نحن بصدد انتقال قيمي أم انهيار هوياتي؟

مصطفى المنوزي: هل نحن بصدد انتقال قيمي أم انهيار هوياتي؟ مصطفى المنوزي

نطالب الدولة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعلينا أن نطالب أنفسنا بالتنمية السياسية والفكرية بالثورة على ذواتنا ثقافيا، ونحرر أنفسنا من التمثلات التقليدانية والأصولية الغارقة فينا حتى النخاع، ونقيم رصيدنا النضالي وتمثله في ضوء التحولات الهيكلية الجارية.. وفي آخر التحليل نحتاج، بين الفينة والأخرى، إلى استصدار شهادة الحياة، بما تعنيه من كينونة متجددة، لأنه يستحيل أن نستحم ونغترف المصداقية من نفس التاريخ تمجيدا مرتين! وهل يعقل أن نرافع أمام القاضي بحيثيات الاقتصاد السياسي، ونبحث عن براءة قانونية أو إدانة خارج  جدران المحاكم، أو نتقمص صفة المؤرخ الذي  تتماهى لديه الحقيقية السوسيولوجية مع  نظيرتها القضائية؟

صحيح أن لكل مؤسسة أو شخص ذاتي مقاربته، غير أننا نعيش زمن هيمنة النزعة الآنية على غرار تردد العقل الجمعي، حيث المضاربة المالية تقابل الإنتاج، وسيادة الدوغمائية الفكرية على حساب التفكير وتحيين أدوات التشخيص والتحليل .

لقد كنا نتمنى أن ينخرط الجميع في التحولات الجديدة، بمقتضى الدستور الجديد، الذي من المفترض أن تفعيله دمقراطيا سيخلصنا من مظاهر الحكم الفردي المطلق، ولكن كسل نخبتنا وعجزها عن المرافقة النقدية الإيجابية، بخر كل آمال في إنتاج قطيعة حقيقية، مع الماضي وتمثلاته، مما يستدعي عدم التغرير والغرور وتفخيم انتظارات المجتمع المغربي، في زمن يعيش فيه الفاعلون السياسيون، بجميع أطيافهم أزمة انتقال، هوية واجتماعا وعقلا، بنفس القدر الذي يتراخى فيه المثقفون عن ملامسة مشاريع أجوبة حول أزمة الانتقال القيمي في تفاعلها مع مخاطر الانهيار الهوياتي.

وإذا كانت علة أغلبهم، بمن فيهم الاجتماعيون والحقوقيون، الذين  يبررون، غالبا بنظرية المؤامرة أو ذكاء الدولة وجبروتها، وكأن الشروط الذاتية قدرية تجاه استمرار فلاح الدولة في تبخيس دور المثقف؟ والحال أن السؤال الحقيقي هو هل لأن المثقف نفسه فشل في كبح انتعاش الفكر الانتهازي في الصفوف وكذا المجتمع؟ أم أن إرادات التغيير اختارت لها مهندسين آخرين، يخضعون الثقافة للسياسة، وهذه الأخيرة للجبرية التقنية؟