محمد حدوتي: الإضراب العام ليوم 20 يونيو وسياق "حركة مقاطعون"

محمد حدوتي: الإضراب العام ليوم 20 يونيو وسياق "حركة مقاطعون" محمد حدوتي

قررت مركزيتنا المناضلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خوض إضراب عام يوم الاربعاء 20 يونيو 2018، كنقطة نظام أخرى بعد مسيرات الشموع الاحتجاجية، بعدما لم يستوعب الحاكمون دقة المرحلة التي تمر منها البلاد والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة، والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم، بعد أن أجهزت حكومة العدالة والتنمية، في نسختها الاولى والثانية، على كل المكتسبات التي راكمها الشعب المغربي وقدم في سبيلها الكثير من التضحيات..

حكومة همها الأساسي تنفيذ إملاءات المؤسسات المالية الدولية وتسخير كل أجهزة الدولة وإمكانياتها لخدمة الاستبداد والرأسمال المخزني الطفيلي في المغرب وإفريقيا، دون الاكتراث للوضع الاجتماعي الداخلي المأزوم وحالة الانحباس الشامل التي تعرفها البلاد..

حكومة اختارت أن تواجه حالة السخط المجتمعي والحراك الاجتماعي المجالي (الريف، جرادة، زاكورة.....) والفئوي (الموظفون بكل درجاتهم، المتصرفون، التقنيون، الأساتذة الرسميون بكل فئاتهم.. المتدربون والذين فرض عليهم التعاقد، الأطباء، الممرضون المعطلون....)، بنهج سياسة الآذان الصماء واعتماد مقاربة أمنية صرفة أنتجت متابعة المئات من الشباب والناشطين السياسيين والنقابيين في محاكمات غير شرعية ستبقى وصمة عار في جبين مغرب ما بعد توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة..

حكومة همشت الحوار الاجتماعي مكتفية بالاعتماد على أغلبيتها البرلمانية الهجينة المزعومة لتمرير أبشع القوانين والمراسيم والقرارات دون أخذ رأي تعبيرات المجتمع وتنظيماته التي تمثل فئات عريضة من الشعب المغربي، وفي مقدمتها النقابات العمالية، ولهذا ظل مطلب فتح باب الحوار والتفاوض الثلاثي التركيبة مطلبا جوهريا في جدول أعمال ونضالات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل منذ محكومة بنكيران وإلى اليوم، في مشهد غريب واستثنائي خاصة بعدما راكمته الحركة النقابية منذ 1996.. ودون إعطاء أي اعتبار للمواثيق الدولية وقوانين الشغل، وفي خرق سافر حتى للدستور الذي ينص على مبدأ الديمقراطية التشاركية..

حكومة دمرت الحوار الاجتماعي، لأن مرجعيتها الفكرية وقناعتها السياسية تتأسس على الاستبداد..

إن هذه الاختيارات اللاشعبية والقرارات الجائرة وحالة التهميش التي يعرفها المجتمع دفعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والتي كانت دائما في صف الشعب والجماهير الشعبية الكادحة.. دفعتها إلى اتخاذ قرار الاضراب العام بما يحمله من رسائل سياسية للحاكمين، سيما وأن هذا القرار يربط الماضي بالحاضر ويعود بالوجدان الكونفدرالي وبالذاكرة الوطنية لإضراب  20 يونيو 1981، في إشارة لخطورة الاوضاع الاجتماعية التي يعرفها المغرب والحاجة لحوار وطني شامل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. اضراب عام جاء في سياق مقاطعة الشعب المغربي لبعض الماركات التجارية سنطرال، افريقيا، وسيدي علي.. مقاطعة باركتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في بلاغات وبيانات أجهزتها التقريرية والتنفيذية منذ أيامها الأولى، معتبرة إياها خطوة نضالية حضارية لشعب أغلقت في وجهه كل الأبواب نتيجة للفساد والاستبداد ولانتشار الغلاء والاحتكار والزواج غير الشرعي بين السلطة والمال.. مقاطعة أزعجت الحاكمين ومحكومتهم وفاجأتهم وجعلتهم يخبطون خبط عشواء.. مقاطعة أثبتت قدرة الشعب المغربي على ابتكار أساليب جديدة للمقاومة والمواجهة والنضال..

إن اتخاذ قرار الإضراب العام في هذا السياق هو تكثيف للصراع في بعده الاجتماعي السياسي والمجتمعي.. من هنا تأتي قوة القرار ليصبح للحراك الاجتماعي في كل أبعاده المجالية والفئوية والشعبية(مقاطعون) بوصلة واضحة.. وعنوان بارز مؤداه أن أوضاع المغرب لم تعد محتملة وبحاجة ماسة للتغيير.. تغيير الاختيارات والسياسات وأن لا حل لمشكلات المغرب السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون تحقيق الديمقراطية.. وهو عنوان يكثفه بشكل واضح قرار الاضراب العام ليوم 20 يونيو 2018  ..

مما يدعونا جميعا موظفين وعمالا ومستخدمين وتجارا صغارا وحرفيين وعموم الجماهير الشعبية إلى الانخراط الواسع في معركة الإضراب العام ليوم الأربعاء 20 يونيو 2018، بكل وعي ومسؤولية.. ولتكن رسالتنا واضحة بأن الحوار الوطني حاجة ماسة اليوم لحلحلة الأوضاع ولتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة كل التحديات.. وأن الديمقراطية وحدها هي الكفيلة بتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية..

- محمد حدوتي، عضو المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل