زهور: متنبي كنز "سرغينة" مجرد وليد سياسة الأصوليين لتبليد المغاربة

زهور: متنبي كنز "سرغينة" مجرد وليد سياسة الأصوليين لتبليد المغاربة الأستاذ الباحث لحسن زهور

قال الكاتب والباحث، لحسن زهور، أنه لا يمكن فهم ظاهرة متنبي كنز "سرغينة" في ناحية بولمان بمعزل عن الظواهر المشابهة لها و التي عاشها المغرب مؤخرا، كما لا يمكن انتقاد الحشود الكبيرة التي انقادت للمتنبي "بو يفرى أي بوكهيفة " إلى الكهف و إلى الجبل دون التنديد بالفكر الخرافي و الإتكالي الذي تروج بعض الجهات التي تساهم في ترسيخ هذا النوع من النمط الإعتقادي السخيف، و التي من مصلحتها تأبيد هذا الصنف من التفكير لأنه ملازم لايديولوجيتها قصد الحفاظ على مصالحها.

و هنا، يضيف لحسن زهور لجريدة "أنفاس بريس"، لا بد من الرجوع إلى الوراء للتذكير ببعض المظاهر الشبيهة بهذا الحدث على المستوى النتائج المترتبة عنها، و إن اختلفت في الشكل و الإخراج. ومنها زيارة الفقيه مصطفى بنحمزة لمدرسة عتيقة بناحية تارودانت، و التي هم فيها حشد الناس و الفقهاء و"الطلبة" لاستقباله بذلك الاستقبال "الملكي" تحت أعين السلطات، مما يبين مدى سهولة اختراق فكر التشدد للمواقع المحافظة في المغرب، و مدى سهولة حشد الناس لاعتناقه كما سهل على مدعي كنز "سرغينة" اقتياد الأعداد الكبيرة إلى جبل الكنز المزعوم. و في كلتا الحالتين، يؤكد الأستاذ الباحث، هو لعب بالنار، لأن التغاضي عن مثل هذه الممارسات لن يولد إلا فكرا غيبيا يمهد الطريق للتطرف الديني حتى يأخذ مكانه في أية لحظة، و لعل تفجيرات الدار البيضاء دليل على أن الخواء الفكري لمنفذيها ساعد في انقيادهم إلى التدمير باسم الدين.

ومن جهة ثانية، يردف زهور، هناك تضمين بعض مقررات الفلسفة بمحتوى ديني مناهض للفلسفة إرضاء للتيار الديني المهيمن، والذي يؤشر على الرجوع إلى الردة الفكرية التي هيمنت في التسعينات من القرن الماضي و نعيش نتائجها اليوم متمثلة في انغلاق المجتمع المغربي و محاربته لبعض أشكال التمدن و التسامح و الحرية باسم مفهوم انغلاقي للدين وارد من الشرق الوهابي و الإخواني.

ويسجل المتحدث على مستوى ثالث أمر إلغاء مشاركة الداعية الإسلامي المتنور عدنان ابراهيم من المشاركة في الدروس الحسنية بعد أن تم استدعاؤه. بما يحيل من قوة ضغط التيار السلفي و مؤيديه من التيار السياسي الإسلامي، كما هو مؤشر على ارتباك وزارة الأوقاف في الحسم بين اتجاهين تدينيين بالبلد: اتجاه الاعتدال المعروف تاريخيا بالمغرب الذي يستقي مرجعيته الفكرية و الحضارية من الثقافة الأمازيغية، و اتجاه انغلاقي متشدد يستقي مرجعيته من الوهابية و الإخوانية.

ويتابع لحسن زهور، بأن من المظاهر السابقة أيضا الانتشار الواسع في السنوات الأخيرة، و في ظل الحكومة السابقة، لشكل من "الأطباء" الدينيين تحت يافطات دينية كـ"الطب النبوي" و طب "التدواي بالقرآن"، مع التباهي بانجازاتهم التي تصل أحيانا إلى قتل ضحاياهم تعذيبا بدعوى إخراج الجن.

هذا، فضلا، يسجل الأستاذ الباحث، عن خروج أحد المهندسين في الزراعة مؤخرا و المشهور بمقابلاته الإذاعية و بخرجاته المبالغ فيها و المنتمي إلى إحدى الجماعات الإسلامية المسيسة، و هو محمد الفايد، ليمحي كل منجزات الطب مدعيا تحمله مسؤولية من يموت من المرضى بالأمراض المزمنة إن صاموا، لأن من واجبهم الصوم كما يدعي باعتبار الصوم معجزة إلاهية لن يؤثر فيهم. فأن ينزل السيد المهندس بشهادته أمام المستمعين له، يشير زهور، إلى منزلة الأمي مثله مثل أولائك الذين انقادوا إلى جبل الكنز أو المنبهرين بالملائكة الجوالة في سماء مكناس، فهذا يعني أن سياسة تبليد المغاربة سياسة مرسومة الأهداف من قبل البعض من التيارات و من جهات حكومية.

إذن، يخلص الأستاذ لحسن زهور، لا يمكن فهم انقياد الجماهير في بولمان تحت أعين السلطة دون ربط هذه الخيوط بغيرها من الخيوط الأخرى الظاهرة منها و الخفية، و الغاية منها هو فرملة حراك الوعي الذي عرفته الساحة منذ سنة، و الذي يتم توجيهه نحو الإنحراف عن مصلحة البلد بسبب غياب المثقفين المتنورين لتصحيح مسار هذا الوعي نحو مساره التنويري و الديموقراطي و الحقوقي.