عزيز بلحسن: فصل المقال في لجنة بوعشرين، واقع الحال بين السياسي والحقوقي من اتصال

عزيز بلحسن: فصل المقال في لجنة بوعشرين، واقع الحال بين السياسي والحقوقي من اتصال عزيز بلحسن

يوم السبت 2 يونيو 2018، بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم تأسيس لجنة سماها مؤسسوها ومؤسساتها "لجنة الحقيقة والعدالة في ملف (قضية) الصحافي توفيق بوعشرين"، وكان العنوان الرئيسي لسبب النزول "المحاكمة العادلة واحترام قرينة البراءة للصحافي بوعشرين وجميع أطراف القضية". سنحاول فحص هذه الأسباب وبسطها للنقد والتحليل وكيف تم ذر الرماد في العيون، من خلال إضافة و"جميع أطراف القضية". في إشارة محتشمة وملتبسة للمشتكيات والمصرحات، اللواتي تشبثن بمتابعة المتهم؛ لكن الرسالة الأساسية من وراء تأسيس اللجنة؛ كانت هي الدفاع عن الصحافي بوعشرين وثلاث صحفيات لا غير (عفاف برناني وحنان بكور وأمل الهواري) وكلهن يعملن في مؤسسته "أخبار اليوم"، و للإشارة فالثلاثة تنازلن عن الشكاية .

ـ أسئلة مشروعة

ـ لماذا تم اختيار المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان كمكان للتأسيس؟

ـ لماذا تم الانتقاء وبعناية لسكرتارية اللجنة (رئيسة سابقة للجمعية المغربية لحقوق الانسان وحائزة لجائزة الأمم المتحدة لحقوق الانسان وحاليا تتحمل رئاسة التنسيقية المغاربية لجمعيات حقوق الانسان، ورئيس سابقة للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، وفنان معروف، ومؤرخ وبرلمانية من تيار بنكيران...)؟

ـ لماذا تدخل حامي الدين (تيار بنكيران) في توجيه النقاش، وهو المتهم في ملف الطالب بفاس، وهو الذي صرح بنكيران في ملفه قائلا "لن نسلم أخانا أبدا"، في إشارة لا تعترف بمؤسسة القضاء؟ علما أن بوعشرين (صديق حامي الدين) كان الناطق الرسمي في افتتاحياته باسم بنكيران، وخصوصا في فترة ما سمي ب "البلوكاج؟ "

هذه الأسئلة على المعنيات والمعنيين في اللجنة، الإجابة عنها لتنوير الرأي العام الحقوقي وطنيا ودوليا؛ لأن المجتمع الحقوقي واع ولا يقبل ازدواجية المعايير في الدفاع عن الحقوق والحريات، بمثل هذه التخريجات السياسية بغطاء حقوقي وحفاظا كذلك على مصداقية الجمعيات الحقوقية ذات المرجعية الكونية لحقوق الانسان .

ـ بعض التوضيحات :

نحن مع إظهار الحقيقة في هذا الملف برمته وليس لطرف واحد "بوعشرين"، ونحن مع المحاكمة العادلة، وتبقى قرينة البراءة هي الفيصل.

لما تم اعتقال توفيق بوعشرين وما تلى ذلك من نقاش، انتظرنا أهل الاختصاص النزهاء، وفي مقدمتهم الأستاذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو، والذي وقف قانونيا وحقوقيا على خروقات كثيرة شابت عملية الاعتقال والتقديم إلى المحاكمة، وهذا كان مؤشرا عن انحراف المتابعة عن مسارها الطبيعي، والذي لا يحافظ على قرينة البراءة في كل أطوار المحاكمة والافتقاد إلى الضمانين  .

لقد قرأنا كلمة المتهم توفيق بوعشرين في المحكمة وبتمعن، واتضح لنا الكثير من الحقائق وكشف العديد من الخروقات التي شابت هذه المحاكمة، وكان مقنعا في كلمته إلى حد كبير .

لقد كنا نختلف مع الصحافي توفيق بوعشرين في خطه التحريري، وبالخصوص في افتتاحياته المنحازة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وارتباطاته بتركيا وقطر (ممولة التنظيم الإخواني)، وبالتالي كانت جريدته تنطق بلسان حال فرع الإخوان بالمغرب: حزب العدالة والتنمية وأمينه العام بنكيران .

كما ثبت على الصحافي بوعشرين سرقة افتتاحيات الغير وتوقيعها باسم (جاك أطالي) كمثال، وبالتالي فليس هو الصحافي البارز والمشهور كما وصفته جريدة "العربي الجديد" القطرية، والتي يشرف عليها عراب قطر والإخوان عزمي بشارة .

على الرغم من كل هذا، كنا ولا نزال مع المحاكمة العادلة له وهو ما زال متهما، حتى تثبت إدانته، وهذه مسألة مبدئية لا تتزحزح باعتباري حقوقي وسياسي يعمل مع الآخرين من أجل بناء دولة المؤسسات، وفي مقدمتها استقلال السلطة القضائية عن باقي السلط .

ـ انحياز بلاغ تأسيس اللجنة :

يؤكد و يبرز بيان تأسيس هذه اللجنة على ما يلي:

1ـ رفع السرية عن محاكمة بوعشرين مع فتح الباب أمام الملاحظين الحقوقيين لمتابعة أطوار المحاكمة.

2ـ توفير الدعم والتضامن مع الصحافيات اللواتي رفضن جرهن لمحاكمة ليست لهن أية علاقة بها، مع توفير الحماية لهن.

3ـ إطلاق عريضة وطنية للمطالبة بإطلاق سراح بوعشرين .

من خلال هذه المطالب يتضح وبالملموس التجاهل التام والتغييب المتعمد للمشتكيات والمصرحات اللواتي ما زلن متشبثات بمتابعة المتهم توفيق بوعشرين، وهذا ميز فاضح سقطت فيه اللجنة قبل أن تبدأ في تنفيذ برنامجها المسطر.

ـ على سبيل الختم:

كنت أتمنى أن تبقى الجمعية المغربية لحقوق الإنس بعيدة عن مثل هذه المبادرات، والتي يختلط فيها السياسي بالحقوقي، علما أن للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ما يكفي من المصداقية والتجربة والموضوعية لمتابعة كل القضايا والمحاكمات وهذا الرصيد يغنينا عن تأسيس لجان مسيسة يتم توظيفها للضغط الخارجي؛ بالنظر إلى الشخصيات الموجودة في سكرتاريتها.