الدبلوماسية التي تطهى قراراتها على نار هادئة، تقتضي عدم إصدار ردود أفعال متسرعة. نسجل رفض رفع مصر لعلم الجمهورية الوهمية، التي لا تعترف بها رسميا، في افتتاح أشغال مؤتمر المشرعين العرب والأفارقة بشرم الشيخ. لكن سجلنا سابقا باستهجان زيارة وفد مصري إلى مخيمات تنذوف، وهو ما يعتبر التباس في المواقف لا يخدم الرغبة الثنائية المشتركة للاستمرار السليم للعلاقة بين البلدين، بل يهدد بترديها. أمامنا معارك كبرى تقتضي من دبلوماسيينا ومنا كفاعلين سياسيين، اليقظة لكشف المناورات والألعاب القذرة التي تحاك ضد وحدتنا الترابية، واخذ مواقف حازمة اتجاه الخرجات الارتجالية المخالفة للأعراف بين الدول "الصديقة" وطلب استفسار حول ماهية تخصيص مصر بمناسبة احتفالها بـ 150 سنة من العمل البرلماني استقبالا لحركة انفصالية، دون توفرها على شروط العضوية في البرلمانات العربية. الخارجية المغربية، التي ترى أن عبد الفتاح السيسي يبتعد عن الحياد اللازم انطلاقا من خلفية أجندة مع الجارة الشرقية، مع إيران وروسيا، مطالبة بدوام مراجعة الحسابات وقراءة أبعاد هاته الخطوة. إن مفتاح تفادي الأزمات المفتعلة بإيعاز من جهة ثالثة يعتمد على الخطوات الاستباقية التي تشتغل على مستوى كل الجبهات، تغير الخطط نحو التصعيد تارة وتطلب توضيحات كتابية تارة أخرى في مثل هكذا مواقف متذبذبة لمواجهة المتلعثمين في مواقفهم الضبابية وغير الداعمة للقضايا المصيرية للمغرب لكشف دبلوماسية الوجهين و حربائية أصحاب المصالح. أما أعداء قضية وحدتنا الترابية اللذين يدعمون الوهم، فنعرف جليا أنهم لا ينامون، لكن مع الأسف ليس من اجل مواجهة اختلالاتهم الداخلية، كالمشاكل التي يتخبط فيها الشعب المصري المطالب بضمان شروط العيش الكريم والتي تهدد بالاحتقان الداخلي وبمزيد من عزلة النظام المصري الذي يعتبر البعض قرارات رئاسته غير شرعية.