عمر بن اعمارة: رزان النجار.. إنهم يقتلون الملائكة

عمر بن اعمارة: رزان النجار.. إنهم يقتلون الملائكة عمر بن اعمارة

لم تكن رزان النجار، الشابة الفلسطينية اليافعة (21 سنة)، على ظهر دبابة، لم تكن تحمل على كتفها كلاشينكوف ولا حتى كانت ترمي بيديها بحجارة من سجيل في وجه الآلة العسكرية الصهيونية. كانت توزع الابتسامات، كانت تقدم الإسعافات الأولية، كانت تهدي الورود لشباب ولأطفال في عمر الزهور، كانت تشفي الجروح، وإن لم يكن لها من دواء، فبالكلمة الطيبة المشحونة بالأمل والصمود والحياة. لكن العدو رأى في قلبها ما هو أخطر من المتاريس والخنادق، ما هو أفتك من الصواريخ العابرة للقارات ومن القنبلة الذرية، وفي ابتساماتها كان يقرأ ما هو أقوى بطشا من الدبابات، وفي كلماتها كان يبحث عما هو أشد وقعا وخطورة من القذائف. لذلك نحاها وصفاها عن سابق إصرار وترصد. فهو عدو لا يفرق بين الذكور والإناث، فكل من يتسع قلبه للوطن هو عدو له، هو خطر عليه، هو قنبلة موقوتة يجب إبطال مفعولها قبل الأوان وقبل أن تنفجر في وجهه، لذا اقتنص رزان النجار عندما أحس وأيقن أن قلبها ينبض حبا للوطن، للأرض، لحبات الرمل، لأشجار الزيتون وحقول القمح، للمقاومة ولشعبها الذي يرزح تحت وطأة الاستعمار، تحت آلة القمع والإبادة الصهيونية التي ترضعها وتغديها الإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبمباركة وتواطئ الصمت العربي القاتل، وتحت خيمة الذل والعار للمسمات منظمة الأمم المتحدة.

سيسجل التاريخ: ذات زمان تحت أعين وكاميرات النظام العالمي الجديد الحامل لشعارات: الحضارة والتحضر، الحرية، المساوات، الأخوة، العدالة، المحبة، حقوق الإنسان، حق تقرير مصير الشعوب، التسامح والسلام. عفوا أريد أن أقول ليس بين الجميع، فالإنسان درجات والكيل بمكيالين والصاع بصاعين. سيسجل التاريخ ذات يوم، وتحت أنظار العالم كله وصمته المكشوف الرهيب المتواطئ والقاتل، أن أيادي الغدر والقتل الملطخة بدماء مئات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء والعزل امتدت وأبادت ونحت روحا طاهرة وملاك مسالمة، كانت لا تملك إلا قلبا مفعما بالحياة تقدمه لشعبها الصامد، ولم يكن لها ما تمنحه إياه إلا إسعافات بسيطة حسب إمكانات ضعيفة، كانت تمنح حبا لا متناهي للناس والكلمة عندها كانت هي الشفاء، فبإسعافاتها المتواضعة التي تقدمها للمقاومة كانت أقوى من العدو ومن القتل والقتلة كانت هي الحياة ومصدر لها إذ كانت تمنح الحياة لأناس فقدوا كل شيء، كانت تحث على الصمود على المقاومة على الاستمرار على الحياة والمستقبل.

والآلة الصهيونية القاتلة لا تفرق بين الصغير والكبير، بين الذكر والأنثى، بين المقيم والمنفي، فكل ما تشتم منه رائحة حب الوطن والأرض والمقاومة والصمود وعدم الاستسلام، فهو مشروع شهيد ومبرمج للفناء، لذلك اختطفت منا رزان النجار.

فلترقدي يا رزان بسلام في أرضك الطاهرة، فالملاك لا يموت.