2 - حزب العدالة والتنمية ربح الإنتخابات وربح مقاعد إضافية مقارنة بالإنتخابات السابقة؛ علما بأنه هو من قاد الحكومة السابقة التي تميزت ولايتها بقرارات اعتبرت لم تكن في مصلحة قطاعات واسعة من الشارع أو لم تتماشى مع مصالح أصحاب المال والأعمال...هذه المفارقة قد تجد لها تفسيرا في كون من منحوا ثقتهم لهذا الحزب حسموا رأيهم بناء على موقف أيديولوجي محض أو بناء على مصلحة مرتبطة بشكل مباشر مع هذا التنظيم. لكن في غياب معطيات دقيقة تفسر بشكل علمي هذه المفارقة لا يمكننا أن ننفي أن رياح المحافظة الفكرية والدينية والسياسية ساهمت في حسم نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة.
3 - أكبر خاسر في هذه الإنتخابات هو حزب السلطة: حزب الأصالة والمعاصرة ومن يدور في فلكه من أحزاب أخرى. لم يتمكن من هزم حزب الإخوان وفشل في رفع نسبة المشاركة: لقد فشل في ما حاول أن يبني عليه شرعية ميلاده المشكوك فيها. من الناحية الرقمية المحضة حقق تقدما كبيرا لكن لا أحد يمكنه أن ينفي أنه عجز عن إختراق المدن كعامل حاسم في تشكيل الخريطة السياسية ولا أحد لا يمكنه أن يلاحظ أن تقدمه مستمد من السطو على رصيد أحزاب أخرى. وبالنتيجة نحن أمام فشل أدوات السلطة التقليدية في ضبط مزاج مجتمع يعرف تحولات عميقة في كل مناحي الحياة.
4 - الإنتخابات الأخيرة ومن خلال تحليل أولي للأرقام المتوفرة تبين تنامي طلب فئات معينة على عرض سياسي آخر غير ذلك الذي يقترحه حزب السلطة أو حزب "الإخوان" أو الأحزاب التقليدية الأخرى. لقد شكل التعاطف مع فدرالية اليسار خلال الحملة الإنتخابية أو التصويت لصالحها في مجموعة من المدن الكبرى من طرف شرائح تتسم في الغالب بعقلانية اختياراتها حدثا مثيرا للانتباه. وقد يكون عدم توفر هذا التنظيم على الإمكانيات اللازمة لاستثمار هذا التعاطف بالإضافة إلى محاربته بطرق غير مشروعة أثر مهم على نتائجه المتواضعة فيما يتعلق بتمثيليته في البرلمان. والخلاصة أن هناك دينامية جديدة مرشحة لقلب موازين القوى السياسية في المرحلة المقبلة إن هي طورت في ووجهت بشكل صحيح.
5 - لقد صرح بنكيران وحتى قبل إجراء الإنتخابات أنه سيستمر في نهج نفس السياسات التي مارسها في الولاية الأولى وبالتالي نحن أمام مرحلة مقبلة ستتميز بقرارات خطيرة ستزيد من صعوبة عيش مجموعة كبيرة من المغاربة؛ وعلى هذا الأساس نحن مقبلون على المزيد من التراجعات وبالتالي المزيد من الاحتقان الإجتماعي والسياسي. لذلك، فالمطلوب هو العمل منذ الآن على رص صفوف جبهة معارضة قوية والتي نعتقد أنها لن تكون قادرة على مجابهة هذا التحدي إلا إذا كانت مؤطرة بقيم العدالة الاجتماعية ومؤمنة بالديمقراطية غاية ووسيلة ومنتصرة للعقل والمعرفة.