الملكية البرلمانية وفصل الدين عن الدولة والسياسة عن عالم المال أهم مداخل الإصلاح

الملكية البرلمانية وفصل الدين عن الدولة والسياسة عن عالم المال أهم مداخل الإصلاح المتدخلون في الندوة
كانت ندوة "مداخل وأسس الإصلاح السياسي بالمغرب" التي نظمتها فيدرالية اليسار ليلة الأربعاء 30 ماي 2018، بعاصمة الرحامنة مدينة بن جرير فرصة حقيقية لإرجاع وهج وألق الخطاب السياسي للمعارضة المسؤولة والمتزنة.
وقد حج لقاعة دار الشباب ثلة من الأطر النقابية والسياسية والحقوقية والجمعوية والمدنية والعديد من المنابر الإعلامية.
" أنفاس بريس" تابعت الندوة التحليلية والدراسية التي شارك فيها كل من عضو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل علال بلعربي، والقيادي في حزب الطليعة الاستاذ حبيب المحجوب. بالإضافة إلى مشاركة البرلماني عمر بلافريج عن فدرالية اليسار والذي نقدم للقراء أهم ما جاء في مداخلته التي تابعها جمهور غفير غصت به القاعة التي ضاقت كل جنباتها بالضيوف.
قال عمر بلافريج في مستهل مداخلته " نقطتين أساسيتين سأبدأ بهما حديثي معكم، أولهما تتعلق بنعت اليسار بالكفار والملحدين من طرف بعض الجهات التي يقلقها تعاطي فدرالية اليسار بأحزابها الثلاثة مع ملفات وقضايا المجتمع المغربي بشكل صادق عبر واجهات النضال النقابية والسياسية والجمعوية والتواصلية." وأضاف قائلا: " أريد أن أوضح هذا الأمر من خلال قصة واقعية تلخص مفهوم التدين في وسطنا الاجتماعي منذ زمن قديم ( داخل عائلة بلافريج )في تقديم تبرعات إحسانية والتصدق على الفقراء وإعانة المعوزين ودعمهم في الصراء والضراء دون أن يعرف أقرب المقربين لك ومنك ذلك، أي أن يتم التصدق في سرية تامة، لأن الاحسان لا يحتاج إلى الدعاية وهذا ما تعلمناه كدرس في وسطنا العائلي. من خلال أجدادنا " وبخصوص النقطة الثانية ركز فيها على " الترويج من طرف الخصوم بأننا في اليسار ضد الملك والمؤسسة الملكية، وينعتوننا بمساخيط الملك، وهذه الإشاعة تروم إخافة الشباب من الانخراط في أحزاب فدرالية اليسار وخلق هوة بين الشعب واليسار، في الوقت الذي يعرف خصومنا أننا أصدقهم فعلا وممارسة في التعامل مع المؤسسة الملكية لأننا نقول للملك الحقيقة، ونصدقه القول من خلال مواقفنا وقراراتنا الواضحة ولو أنها مقلقة لأننا لا ننافق الملك. نحن ننتقد النظام السياسي ونطالب بملكية برلمانية وهذا دليل على أننا نريد تطوير المؤسسة الملكية. من خلال إعمال المؤسسات والقانون والدستور" واستطرد في حديثه بالقول " لذلك فنحن في فدرالية اليسار نصر في تحليلاتنا وتفكيكنا لطريقة الحكم في المغرب على المطالبة بفصل الدين عن السياسة، وعلى مطلب الملكية البرلمانية كنظام أفضل. يمارس فيه الشعب الحكم بشكل ديمقراطي للخروج من شرنقة الفقر والتخلف، والدخول لعالم التحضر والتقدم، بمؤشر ناتج داخلي للفرد يتجاوز 30 ألف دولار.لا نريد تطبيق مؤشرات سلم السعادة والتي لا تناقض كذلك مفهوم الديمقراطية. ولكن نريد حد دنى من الكرامة ".
وفي سياق حديثه عن الأزمة بالمغرب قال نعم " نحن ننتقد بصدق ونطرح البدائل الممكنة والتي تزعج الخصوم. كل ما قيل عن الأزمة هو صحيح، والدليل أن رقم معدل الشغل في المغرب رقم خطير تمثله نسبة 42%، هنا أستحضر أنه في قلب الأزمة الاقتصادية اليونانية الكارثية سنتي 2012/ 2013 وصل معدل الشغل آنذاك إلى 49% .بمعنى أن هناك جانبا سوداويا في قراءة ومقارنة معدل الشغل". وحتى يظهر للجمهور تفاؤله بالمستقبل قال بلافريج لنكون متفائلين " أنني أشعر خلالالسنتين الأخيرتين بأن الشعب المغربي أو جزء منه، بدأ يستشرف المستقبل للخروج من هذه الأزمة الخانقة. والدليل حراك الحسيمة السلميالذي دام مدة 7 أشهر." وأوضح في هذا الشأن بأن " المواطنين في الحسيمة مارسوا حقهم في التظاهر بشكل راق وحضاري وكانت كل مطالبهم مشروعة بالإضافة إلى حراك جرادة وزاكورة . وفي العديد من المدن في الجنوب والشمال والشرق. المواطن لمغربي انطلق للدفاع عن حقوقه ومكتسباته. وهذا مؤشر جد إيجابي. "
خلاف الوضع الجامد الذي يعيشه شعب الشقيقة الجارة الجزائري رغم كارثية الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. يقول النائب البرلماني عمر بلافريج مضيفا بأن "المواطن المغربي اليوم يحتج بطريقة حضارية ويطالب بحقوقه المشروعة. رغم الاعتقالات والقمع والعنف الذي مورس على المواطنين بمختلف فئاتهم الاجتماعية ومستواهم المعيشي. اليوم نعيش على إيقاع حراك أكثر نضجا وهو ظاهرة مقاطعة بعض المنتوجات". وفي هذا الإطار قال عمر بأنه على الحكومة أن تفهم أن هذا المنحى له معنى واحد وهو أن " الشعب المغربي اليوم يوجه رسالة واضحة، مفادها أن الوطن يعيش في أزمة ويجب التعاطي مع مطالب الشعببجدية . وإيجاد حلول سريعة للأزمة من طرف الحكومة".مؤكدا في تحليله للأوضاع بأن " الشعب المغربي قد انطلق في مطالبته بإنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأن الشعب يدق ناقوس الخطر، و يبسط مشاكله ويحتج بطريقة حضارية".
هذا المنعطف فرض طرح السؤال التالي من طرف بلافريج قائلا "كيف يمكن استثمار المرحلة التاريخية لخلق فرصة للخروج من الأزمة الكارثية؟" وهذا هو عمق الإشكال "الذي نناقشه اليوم بصفتنا كمعارضة تحمل مشروعا مجتمعيا وبدائل ممكنة للخروج من الأزمة" يضيف النائب البرلماني عمر . وأضاف في سياق حديثه عن البدائل قائلا "نحن نحمل البديل . والمخرج السياسي يوجد في ملكية برلمانية.ولكن على الأقل نبدأ بحسن النية ونقوم بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين،لأن هؤلاء المعتقلين هم الذين دقوا ناقوس الخطر لتنبيه الحكومة والحاكمين بالأزمة التي وصلت لمستويات خطيرة. والتي اعترف بها الجميع. فلماذا مازلنا نعتقل هؤلاء المواطنين الذين خرجوا للاحتجاج ضد النموذج التنموي الفاشل.؟ ".
وفي حديثه عن توظيف أرباح شركات المحروقات أعرب عن أمله عمر بلافريج قائلا " كذلك نحن اليوم أمامنا فرصة تاريخية لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي من خلال إرجاع مبلغ 17 مليار درهم الذي جنته شركات المحروقات التي استفادت من تحرير المحرقات. هذه الشركات التي كانت تجني ارباحا جد محترمة مقارنة مع شركات الدول الغربية، في الوقت الذي كانت فيه أسعار المحروقات تحدد من طرف الحكومة، في عهد حكومة بن كيران الذي اتخذ قرار ترك الأسعار تواجه حرية السوق العالمي الذي سيلعب دوره في تحديد أسعار المحروقات". لكن تواطؤ لوبي الريع مع تلك الشركات التي لم تحترم المنافسة الشريفة وتركت سعر المحروقات دون أن تخضعه لتقلبات السوق العالمية ولمتقم بتخفيضه تماشيا مع انخفاضه عالميا حيث التفت على فارق درهم في اللتر الواحد من المحروقات ما بين سنتي 2015 و 2016 . وفسر النائب البرلماني ذلك بقوله " درهم واحد أرباح عن كل لتر من المحروقات استنزف ما قدره 17 مليار درهم وضخ في صناديق الشركات."
وحسب نفس المتحدث "فهذا المبلغ الكبير لم يصل إلى جيوب الشعب المغربي أو إلى المستهلك المغربي. لذلك نطالب الدولة باسترجاع هذا المبلغ لصناديق المغرب، هناك فرصة تاريخية لإعادة توزيع الثروات وإعطاء درس في التعاطي مع قضايا المجتمع من خلال التفكير في استثمار هذا المبلغ للنهوض بقطاع التعليم والصحة والطرقات والبنية التحية ومؤسسات اجتماعية وسوسيوثقافية ورياضية."
واقترح بلافريج أنه "للخروج من الأزمة وتوجيه رسالة للشعب المغربي بأن الحكومة تفكر في قضاياه وترتب أولوياته بشكل منطقي وإيجابي، نقترحفي فدرالية اليسار ونترافع عن أولوية واحدة ووحيدة تشكل عمق التحول في المجتمع وهي قضية التعليم الذي بعرف حالة كارثية باعتراف جميع المؤسسات والمسؤولين باختلاف درجاتهم، ومستوياتهم، التعليم اليوم هو المنقذ اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا واجتماعيا وسياسيا، نعم أزمة التعليم هي المشكل الأساس في المغرب."
"نقترح استثمار 17 مليار درهم في إصلاح التعليم وتعميم النموذج والتجربة الناجحة للمدارس الجمعاتية التي يشهد لها بضمان تعليم جيد ومستمر ونافع لأبناء المغاربة في العالم القروي، مع العلم أن مؤسسة تعليمية جمعاتية بمواصفات جيدة ومرافق متكاملة تكلف ما قدره مليار ونصف سم، أي أن 17 مليار درهم قادرة على تغطية كل مناطق المغرب الوعرة وبناء مدارس جمعاتية ( خلق 1700 مدرسة جمعاتية ). في الوقت الذي تحاول بالكاد الحكومة إحداث 10 مدارس جمعاتية خلال الموسم الدراسي المقبل 2018/2019 . باعتراف من وزير التعليم الذي يقر بأن الحكومة لا تتوفر على ميزانية لإحداث المزيد من المدارس الجمعاتية . ( إيوا ها 17 مليار درهم كاينة )." يقول النائب البرلماني عن فدرالية اليسار مضيفا بأنه لو توفرت الإرادة الحقيقية لدى الحكومة " فإن مبلغ 17 مليار درهم قادرة على توفير النقل المدرسي لجميع التلاميذ والطلبة المغاربة بالمجان ".
نحن نشتغل بهذه الكيفية وتقدمنا بعدة مقترحات كبدائل للنموذج الفاشل في التنمية على جميع الأصعدة لكن هناك دائما رفض من طرف الأغلبية، ويصوتون ضد مقترحاتنا والدليل أنهم " يتحدثون عن التضامن والتكافل الاجتماعي، ويرفضون مقترح خلق ضريبة تصاعدية على الثروة بنسب ضعيفة لا تتعدى في البداية 0,1% ( مثلا ثروة 500 مليون يؤدى عنها 5,000,00 درهم سنويا ) ويقولون بأن هذه الضريبة ستعجل برحيل المستثمرين من المغرب. يرفضون ضريبة تصاعدية على الإرث بحجة أنها تتناقض مع الدين الإسلامي. في الوقت الذي تحتوي مدونة الضرائب على ضريبة خاصة بالتركة والتي تنهك كاهل الشعب المغربي....نستغرب للبرلمانيين الذين يتحدثون عن الشعب وباسم الشعب ويعترضون على مقترحاتنا التي تخدم الشعب وتعتبر كبديل حقيقي للخروج من الأزمة. وتجدهم يتبجحون في الإعلام والقنوات التلفزيونية ".
وأنهى عمر بلافريج مداخلته القيمة قائلا " نحن في فيدرالية اليسار، نتوفر على بدائل ومقترحات بديلة وحلول عملية نقترحها بشكل علني، قادرة على أن ترد التقة للشعب المغربي في المستقبل بتفاؤل كبير، المغرب ليس أي دولة في العالم، مغرب القرن العشرين كان أرض خصبة بالمناضلين والوطنيين والمفكرينالمعترف بهم دوليا.المغرب هو الذي أنجباسم عبد الكريم الخطابي الذي أثر في حركات التحرر العالمية بأسلوبه الثوري. واسم العلامة علال الفاسي و المهدي بن بركة والسي عبد الرحيم بوعبيد والمفكر محمد عابد الجابري.والدكتور العروي الذي يعتبر هو بن رشد الجديد....من هنا يجب إعادة قراءة تاريخ التراث ونفتخر به لاستنباط الحلول للخروج من الأزمة، بطموح كبير نحو الحرية والكرامة والديمقراطية لنبني الوطنوالمستقبل. "