++نتائج الإنتخابات التشريعية لها تفسير واحد..نسبة العزوف الكبيرة للكتلة الناخبة والذي يرسخ استمرار حزب العدالة والتنمية في تصدر النتائج، ويمكن القول أن حزب العدالة والتنمية هو حزب مختلف عن باقي الأحزاب السياسية، فهو يعتمد ليس فقط على انضباط مناضليه بل الطاعة، فحزب العدالة والتنمية أضحى قوة انتخابية لكونه يشتغل بشكل يومي مثل خلية النحل في القطاع الشبيبي، القطاع النسائي، النشاط الدعوي، الى جانب حضوره في عدد من الجمعيات.
وأعتقد أن تحكم الحزب في عدد من الجماعات الحضرية والقروية ساهم في تكريس حضوره ضمن مجموعة من الفئات العمرية والجنسية عبر جمعيات موالية حظيت بمجموعة من الإمتيازات وضمنها تمويلها من المال العام، فهناك مشاريع ظاهرها عمل جمعوي وباطنها سياسي..
+ولكن الفراغ الذي تركته القوى الديمقراطية والتقدمية هو الذي فسح المجال أمام اكتساح حزب العدالة والتنمية ؟
++صحيح..لكن لا ينبغي إغفال معطى ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات الى جانب ابتعاد المثقفين عن السياسة وعن تنوير المجتمع، إذ لم نجد لحد الآن بديلا عن محمد عابد الجابري ومحمد جسوس دون إغفال دور عبد الله العروي وعبد الله ساعف..فالمثقفون يناقشون ويحللون لكنها لا يشاركون في العملية السياسية ولا حتى في العملية الإنتخابية، وبذلك تظل الكتلة الناخبة من فئة معينة معروفة، أما الفئة التي تصنف ضمن الطبقة المتوسطة والتي تتكون من الموظفين الذين تم المس برواتبهم عبر الإقتطاعات ومشاريع التقاعد كما تم المس بقدرتهم الشرائية ومجموعة من المكاسب ومع ذلك تجدهم يكتفون بالانتقاد ولعب دور المتفرج يوم الإقتراع، وشخصيا كثيرا ما اتساءل هل هؤلاء مغاربة أم يقطنون المغرب ؟ لأن المواطنة تعني المشاركة وليس الإكتفاء بالإنتقاد ..
للأسف ليست هناك تعبئة للناخبين..فالأحزاب التقدمية تعقد الندوات لتحليل الوضع ولها حضور في وسائل الإعلام، لكن في يوم الاقتراع تجد أحزاب ليس لها حضور ومع ذلك موجودة بالساحة وهي أحزاب مول "الشكارة"، الى جانب حزب العدالة والتنمية الذي يمتلك قوة تنظيمية وقوة انتخابية والتي مكنته من تحقيق النتائج المعلنة عنها الى جانب معطى الإنضباط الأعمى داخل الحزب رغم الإقصاء والتهميش لبعض طاقاتهم داخل الحزب..
+وماذا عن السيناريوهات الممكنة للتحالف الحكومي المقبل ؟
++أولا، حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والإشتراكية متعاهدين فيما بينهما وتجمعهما وثيقة تحالف سواء كانوا في الحكومة أو في المعارضة، وحصول حزب التقدم والإشتراكية على 7 مقاعد فقط يجعله حزب تابع لحزب العدالة والتنمية، أما بخصوص شباط الذي خرج من تحالف المعارضة البرلمانية وأدلى بتصريحات مثيرة بين كل لحظة وحين فمن المحتمل جدا أن يتحالف مع " البيجيدي " لكن يطرح السؤال : هل حزب العدالة والتنمية سيثق مرة أخرى في شباط الذي خرج التحالف الحكومي في التجربة السابقة في نسختها الأولى، وبخصوص التحالف مع التجمع الوطني للاحرار ينبغي الإشارة أنه رغم كل ما قيل عن مزوار فحزب العدالة والتنمية يشتغل بمنطق براغماتي ولايؤمن بالتحالف بناءا على مشروع بل بالتحالف الإنتخابي- البراغماتي لتشكيل حكومة تتوفر على أغلبية عددية داخل مجلس النواب للدفاع عن قراراته، كما لا يستبعد أن تكون أيضا الحركة الشعبية الى جانب " البيجيدي" وربما قد ينفتح أيضا على الأحزاب التي حصلت على مقاعد قليلة..
+خلال فترة الحكومة المنتهية ولايتها سجلت العديد من التراجعات على الصعيد الحقوقي كما تم ضرب العديد من المكتسبات وضمنها صندوق التقاعد وصندوق المقاصة والقدرة الشرائية للمواطنين، فماهو الدور المطلوب من القوى الديمقراطية والتقدمية في المرحلة المقبلة التي ستشهد التمديد لحزب بنكيران لولاية ثانية ؟
++قبل أن أجيب على سؤالك اسمحوا لي أن أعود بكم الى عام 2002 ، فهذا العام شهدت فرنسا اكتساحا لليمين بنسب كبيرة، حينها أعلن جوسبان عن تحمله المسؤولية كاملة في هزيمة اليسار معلنا انسحابه من الحياة السياسية، لكنه قبل ذلك أصر على بعث رسالة الى جميع الإشتراكيين واليسار من أجل التعبئة والتكتل تحضيرا للإنتخابات التشريعية المقبلة من أجل إعادة بناء مستقبل فرنسا، ولهذا أنا أدعو بالمناسبة الإشتراكيين واليسار والقوى التقدمية في البلاد من اجل إعادة النظر في طريقة اشتغالها والإبتعاد عن التنافر وعن شعار " فولي طياب " أو " انا بوحدي كنضوي البلاد "، وتبسيط الخطاب لكي تستوعبه الجماهير..ولابد من زرع بذور المشروع الحداثي الديمقراطي منذ الآن في صفوف القواعد الشعبية والإلتصاق بها، وأن لا نظل رهيني الصالونات السياسية والتنظير والبعد عن القضايا والهموم اليومية للمواطنين..