إنه ذاك الرجل الغريب
لقد أتى من بعيد ومعه نايه الفريد
جاء بأحلامه ومتاعه الخفيف
بعض الكتب وأقلام الرصاص وقصاصات مما كان يسطر
لا يتذكر الآن كل شيء هناك، حيث لا أحد كان يرقبه
لا أحد كان يرافقه سوي شمعته وظله
خطواته تسبقه في الطريق وتبتعد عنه أحيانا بمسافات
إنه ذاك الصوت الدفين الذي يئن تحت حطام حضارات هاوية
يحس بنار الألم وبوخز في العمق يذكره بشيء يشبه الحنين
يحس بوجع بداخله ودخان الحريق
ويسمع دقات قلبه الهادرة تنذره بغد عجيب
يسمع وقع خطى رفاقه وكأنها آتية مثله من بعيد
يراهم يزيلون عنه في الطريق الظل والغبار
لقد أطفؤوا نار اللهيب أزاحوا عن وجهه الخوف والألم
الآن لا خوف يطارده
الآن يمكن له حتى إن يتمدد وسط الطريق
الآن فقط سيستمتع في الهواء بنسيم عليل وبصمت رهيب
يتمدد الآن متعبا، لكن دون ألم و من حوله وجوه تبتسم وأشباح تتحرك كعقارب الساعة
فلا زال كما هو لاشيء تغير بداخله
ها هو ينطلق كالمدفع القديم وسط المعارك
يقصف الآن بطلقات لسانه آخر القلاع
فتشبه قصائده صوت الطبول وهجمة الفيالق
وكأنه يشارك بين صفوف الرفاق القدامى وسط المعارك
وها هو وكأنه لم يعد يسمع الهتافات و الصرخات
لقد صمتوا
فيتساءل دون ارتجاف هل تراجع الرفاق
لكنه لازال هو صامدا في وجه الطغاة
يلقي بحروفه وقصائده كالقذائف وقصف المدافع.