لهذه الاعتبارات سأمنح صوتي لعائلة اليسار

لهذه الاعتبارات سأمنح صوتي لعائلة اليسار

عشنا عبرتاريخ المغرب المستقل تسعة استحقاقات تشريعية. وبكل تأكيد فكل واحد منها كان يعكس مواقف النخب السياسية الفاعلة في المشهد، سواء من موقع موالاة النظام، أو من موقع العداء المشروط في العقود الأولى بصراع شرعية الحكم. وحتى حين ذاب هذا الصراع في زخم التوافقات الكبرى التي تمت على ضوء الإجماع حول قضية الصحراء( 1977)، أو تطويقا لداء السكتة القلبية  (1998)، فإن صراع المواقف والمبادىء ظل هو المؤطر للعمليات الانتخابية. ومع ذلك فالاستحقاق التشريعي القادم في نظري يظل أخطراستحقاق لأنه يشهد المواجهة الحادة بين مشروعين مجتمعيين يتصارعان على قاعدة مبدإ أن نكون أو لا نكون: الأول يمثله التيارالأصولي بقيادة "البيجيدي" مستقويا هذه المرة بكل "شناقة" الانتخابات، وبالسلفية الجهادية التكفيرية وبشيوخ الكراهية، وبالدعم الرمزي والمادي للتنظيم الأممي للإخوان المسلمين، والثاني مشروع الدمقرطة والتنويرالذي كان يمثله اليسار دائما. ولأنني تربيت في الحضن السياسي والإعلامي لهذا اليسار، وكان لي شرف الاشتغال في إطاره تحت إدارة أحد أيقوناته أستاذنا عبد الرحمان اليوسفي، أجدني معنيا بقول كلمتي في موضوع الاستحقاق القادم.

بهذا الخصوص لست  محتاجا للتأكيد مرة أخرى على خطورة المشروع الأصولي بعد أن أصدرت في "الوطن الآن"، وفي "أنفاس بريس" مقالات وملفات لا حصرلها تكشف فداحة ارتباطات هذا المشروع، وأهدافه المناهضة لموروث المغاربة الديني والتاريخي والمؤسساتي والمناهضة لخيارنا الديموقراطي. لكن ما نحتاج التأكيد عليه اليوم هو الحاجة الاستراتيجية الملحة لانتصاراليساربكل روافده وضمان حضوره الوازن في المؤسسات التمثيلية.وأعني باليسار كل العائلة، سواء منها المكون التاريخي: الاتحاد الاشتراكي الذي يعيش حاليا عياء موضوعيا؛ لكنه ليس حالة عياء دائمة، بحكم أن الحزب ليس شخصا أو زعيما بل هو فكرة وقيمة ومشروعا. أو اليسارالجديد " فيدرالية اليسار"، التي تفجر في الشارع اليوم آمالا جديدة. وذلك ما لا يمكن أن يتحقق دون أن تهم الهيأة الناخبة المسجلة أولا بالذهاب إلى صناديق الاقتراع صبيحة الجمعة 7أكتوبر حتى لا تترك الفراغ للفراغ، ودون أن تعي مكونات اليسار، بعد يوم الانتخاب، بالحاجة إلى ابتكارصيغ غير مسبوقة لإقامة تنسيق بين الكتل اليسارية الفائزة ضمن برنامج واضح الأهداف لنكون في الموعد مع التاريخ عبر إسقاط مشروع الارتداد المذهبي والسياسي والفكري، وعبر ترجمة أمينة لآمال المغاربة في بروز ممارسة سياسية جديدة تجعل أفق الديموقراطية ممكنا بالفعل والقوة.

إنه ليس فقط رهان اليساريين والديموقراطيين،  بل رهان كل المغاربة الشرفاء الذين يريدون العيش تحت سماء مغرب حر وديمقراطي وحداثي ويرفضون تحويل المغرب إلى ولاية تابعة للأصوليين بالمشرق.