عبد الحميد لبيلتة: بؤس السياسيين

عبد الحميد لبيلتة: بؤس السياسيين عبد الحميد لبيلتة

 المقاطعة الحالية لبعض المواد الاستهلاكية عوض أن تواجه بإجراءات منصفة وعادلة اجتماعيا من طرف الحكومة، يشتد عويل الحكومة وتنابزها بالألقاب، وتسفيه المواطنين. وهذا يطرح المفهوم الجديد لرجل وامرأة الدولة.!! مما يظهر عمق البؤس الذي تتخبط فيه النخبة الحاكمة ببلادنا. ومن إيجابيات المقاطعة كتعبير حضاري أنه زاد في التراكم النوعي والنضالي. وفي منسوب مخزون أدوات الصراع للشعب المغربي. وتعرية الكثير من تضاريس الريع السياسي والاقتصادي، التي أصبحت فيه السياسة رديفة الاحتكار والاستيلاء على الثروة، وكمسلك للهروب من المحاسبة والمساءلة، حيث تفتقت حيلهم للحديث عن النموذج التنموي الجديد. وهل فعلا وقفنا على تقييم النموذج التنموي القديم الجديد؟ ومن استفاد من ثروات البلاد؟

فأي تغيير، وأي رؤية جديدة لبناء نموذج تنموي جديد، تستدعي وبالضرورة عدة مقدمات، من أهمها توضيح فصل السلط ليجد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة معناه الحقيقي. فأي مؤسسة أو سلطة تدبر الشأن العام وتقرر في السياسات العمومية لابد من أن تخضع للمحاسبة  والمساءلة. والتوجه نحو اعتماد اقتصاد تعددي مبني على المقاولة المواطنة سواء على مستوى المقاولة العمومية أو الخاصة. والإقرار بأن النظام الرأسمالي العالمي وأنماطه الاستغلالية والجشعة قد فشل في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية المستدامة.

فكل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تتجه نحو التفقير والهشاشة، وليس كما يدعون أن المغرب دولة صاعدة. فالدولة الصاعدة تقوم على جودة التعليم والاستقلالية في القرار الاقتصادي. أي أن الدولة المتورطة والغارقة في المديونية الخارجية لا يمكن أن تكون دولة صاعدة.

ومن المقدمات الأساسية كذلك، العمل على تجديد أدوات المسألة الثقافية، على اعتبار أي تغيير اجتماعي أو اقتصادي لابد له من خلفية فكرية لإحداث التقدم وتكريس ثقافة التجاوز والتحويل.

فالصراع اليوم في العديد من تمظهراته ثقافي بامتياز.