صافي الدين البدالي: عندما يربك ذكاء الشعب المغربي العثماني وحكومته

صافي الدين البدالي: عندما يربك ذكاء الشعب المغربي العثماني وحكومته صافي الدين البدالي

استطاع الشعب المغربي أن يربك الحكومة ويكشف عن ضعفها وعدم قدرتها على تدبير الشأن العام للبلاد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. لقد كانت البداية من الحراك الاجتماعي بمدن وقرى الريف، إلى حراك زاكورة واوطات الحاج، إلى حراك جرادة... حيث وجدت الحكومة نفسها في موقف لا تحسد عليه، فاختارت الهروب إلى الأمام واللجوء إلى القمع والتخوين والتشهير بالمتظاهرين والتضييق على داعمي الحراك الاجتماعي والمحاكمات والترهيب ومحاولة تغطية فشلها في محاربة الفقر والهشاشة والبطالة والتخلف الدراسي وانعدام العلاج بافتعال الأسباب الواهية. لم تجد الوسيلة للحد من تدهور الوضع إلا بإغلاق باب الحوار والإجهاز على الحق في حرية التعبير والتظاهر السلمي وبالتهديد والوعيد.

لكن الشعب المغربي لم يترك للحكومة أي هامش للمناورة بذكائه، إذ لجأ إلى أسلوب استباقي تجلى في مقاطعة بعض المنتوجات لشركات شكلوا لوبيا ماليا استفاد من الريع الاقتصادي، وأصبح يختار لنفسه المواقع الحساسة في دواليب الدولة مستغلين الحماية الحكومية لهم ولرموز الفساد ونهب المال العام. لم تكن هذه الشركات في البداية إلا شركة إفريقيا وشركة ماء سيدي على وشركة حليب سنطرال.

أمام هذه المقاطعة وما عرفته من تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية جعلت الحكومة تظهر أكثر ضعفا من السابق، إذ أخذت تهدد وتتوعد المقاطعين للمنتوجات المستهدفة من المقاطعة. فرئيس الحكومة أصابه الانزعاج من الخطوة الشعبية، مما جعله يترنح بين تصريحات متناقضة لا تمت لرئيس حكومة بلاد فيها ما يقارب من 40 مليون نسمة. أما الناطق الرسمي للحكومة فقد نصب نفسه وكيلا على الشركات التي تستنزف جيوب الشعب المغربي، مهددا بمحاكمة الداعين إلى المقاطعة والمروجين لها، حيث كشف عن ضعفه وضعف حكومته في هذه المحطة التي هي من إخراج الشعب المغربي.

لقد تجلى تدني التعاطي مع قضايا الشعب الأساسية من خلال تصريحات وزير الاقتصاد ووزير الحكامة، تصريحات كان للشعب المغربي الفضل في إسقاط الأقنعة تباعا.. لقد استطاع الشعب المغربي بذكائه وعبقريته الكشف عن طبيعة حكومتنا وعن ضعفها وعن جهلها لحاجياته، وكشف للعالم وللذين تحميهم من لوبيات الفساد ونهب المال العام والثروات الطبيعية واقتصاد الريع، بأن الشعب المغربي لم تعد تنطلي عليه الحيل تحت غطاء ديني أو مخزني، ولم  يعد يستجيب للتسويق الإعلامي المأجور ولا الإعلام الرسمي.

فعلى الحكومة أن ترحل لأنها ليست في مستوى تطلعات شعب ناضل من أجل استقلاله وكرامته ووحدته وتراثه وثرواته وهويته.

- صافي الدين البدالي، فاعل حقوقي وقيادي بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي