في كل سنة يحتد النقاش والجدل بين مسلمي إيطاليا، بخصوص تحديد بداية شهر رمضان، فيكثر أشباه العلماء والمفسرين والفلكيين، يشرحون ويفكون "لغز هذا الإشكال" الذي طالما طفح إلى السطح بمجرد اقتراب حلول هذا الشهر المبارك العظيم ومع نهايته عند تحديد عيد الفطر.
لكن ما ميز هذه السنة هو إعلان بعض المراكز والاتحادات يوم الأربعاء 16/05/2018 أول يوم لرمضان أسابيع قبل حلول الشهر العظيم، ما أدى إلى حدوث انقسامات في صفوف المسلمين بإيطاليا، بل حتى داخل المسجد الواحد والأسرة الواحدة.
هذا وقد أعلن مسجد روما، الذي يعتبر أكبر مسجد في أوروبا، وهو الهيئة الإسلامية المعترف بها رسميا بإيطاليا، عن بداية شهر رمضان يوم الخميس 17/05/2018.
كما حافظت المراكز الإسلامية بمدينة طورينو، التي تضم عددا كبيرا من أفراد الجالية المسلمة، على وحدة قرارها، باعتمادها رؤية المملكة العربية السعودية للهلال.
وقد بادر مساء يوم الثلاثاء 15 ماي 2018 مجموعة من الشيوخ والمهتمين وعدد من أفراد الجالية المسلمة، بتنسيق مع متخصصين إيطاليين في علم الفلك إلى استطلاع رؤية الهلال من المرصد الفلكي بمدينة بادوفا Padova الإيطالية، حيث تعذر رؤيته حتى مغيب الشمس بإيطاليا بعد الساعة 20:40. فيما التجأ المركز الإسلامي بميلانو ولومبرديا إلى إصدار بلاغ تم تداوله في وسائط التواصل الاجتماعي، يدعو المسلمين إلى الصيام يوم الأربعاء بأسلوب الوعيد والترهيب، وَمِمَّا جاء في هذا البلاغ:
"المركز الإسلامي بميلانو ولومبارديا بكونه أول مؤسسه إسلاميه شرعيه قائمه على التراب الإيطالي يعلن للمسلمين أن أول يوم من رمضان المبارك هو يوم الأربعاء الموافق 16-5-2018، ويدعو جميع المسلمين في إيطاليا، ويقيم الحجه عليهم، أن يبدؤوا من هذا التاريخ الصيام، دون اجتهادات خاصه وآراء مفرقه، فصوموا متى صام الناس، ولا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا...".
وفيما يشبه الفتوى بغير حق بخصوص من أفطر متعمدا أضاف البلاغ:
"ولا يجوز لمسلم أن يفطر يوما من رمضان عامدا متعمدا، فإن من أفطر يوما من رمضان عامدا متعمدا لا يغني عنه صيام الدهر ولا ينفعه أحد مهما كانت الذرائع والحجج التي لم ينزل الله بها من سلطان...".
هكذا يكون علي أبو شويمة، رئيس المركز الإسلامي بميلانو، الموقع على البلاغ والقابع على كرسي رئاسة المركز لأكثر من 30 سنة رغم المحاولات العديدة لتجديد هياكله، قد حول حكم الإفطار العمد في رمضان من شهرين متتاليين إلى صيام الدهر.
إن هذا الوضع وهذه الفوضى ما هي إلا غيض من فيض مما تعرفه حالة الجالية المسلمة بإيطاليا وأوروبا، والسبب كما هو معروف محاولة انفراد بعض الاتحادات والمراكز والأشخاص بالشأن الديني خدمة لأجندات دول معينة تريد بسط نفوذها ووصايتها على مسلمي أوروبا.
وإلى حين أن يبدأ الجدل المؤجل حول تحديد يوم عيد الفطر، نتساءل إلى متى ستبقى الجالية المسلمة على هذا الحال؟ ومن المسؤول عن هذا الوضع الذي لا يليق ولا يشرف ديننا الإسلامي الحنيف أمام المجتمع المسيحي الذي نعيش بين أحضانه؟... ورمضاننا ورمضانكم مبارك سعيد أدخله الله علينا جميعا بالمغفرة وتوحيد الصفوف.