مصطفى المنوزي: في نقد الذيلية العفوية والإلحاقية المرتجلة

مصطفى المنوزي: في نقد الذيلية العفوية والإلحاقية المرتجلة مصطفى المنوزي

حقا إن نعت المستجيبين للمبادرات النضالية بالقطيع فيه مس بالاعتبار، وينم عن رغبة في التحقير والوصم، لذلك وجب التركيز في اختيار العبارات اللائقة، تفاديا لأي تجريح منفلت.. غير أن الموضوعية تقتضي افتراض بعض الأسئلة المنتجة للتشخيص والتقييم ثم التقويم؛ ولنفترض أننا بصدد تطبيق المأثورة النبوية "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"، فمن سنشكر ونحيي بمناسبة نجاح "تجربة" مبادرة المقاطعة العفوية، حتى لا نقول المخاطرة المرتجلة.

وبنفس القدر من سنحاسب في حالة الفشل في ضبط التداعيات، في ظل عدم الإعلان الصريح عن الجهة المبادرة؟ وقد نتجاوز الأمر إذا ما افترضنا أن ملامح هذه الجهة أو الجهات غير مجهولة أو معلومة إلى حد ما، تأسيسا على سؤال من له مصلحة في ذلك، خاصة وأن انتقاء ثلاث شركات بعناية، دون غيرها واختيار التوقيت، يوحي بأن من انضم من الأحزاب اليسارية، إلى المبادرة التي تحولت إلى أمر واقع، باسم دعم الجماهير والانخراط في معاركها ضد الغلاء ومن أجل مناهضة الاحتكار والفساد والتحكم، وعلى علة من دعا أو يدعو إليها!، من انضم من الأحزاب واع  تمام الوعي بالنتائج أو على الأقل يملك بعض الخيوط، بفضلها يمكنه تمثل  المبادرة، وبالتالي تحمل المسؤولية  السياسية، تضامنا واقترانا مع الجهات الداعية أو المبادرة.

وهنا يطرح سؤال تملك المعطيات أو المعلومات تعين على استشراف الآفاق، وإلا سيكون الانخراط غير الواعي مغامرة أخرى تنضاف إلى بقية المغامرات السياسية السالفة، والتي كان سببها عشوائية الانجرار مع مناخ الشعبوية، وهذا مستبعد جدا في قيادات تستوعب جيدا مقتضيات تاريخ التسويات الفوقية والمنتجة لكثير من النزعة الإلحاقية مقابل النزعة الذيلية.. ولعل التردد الذي يشوب العلاقات فيما بين مكونات اليسار والغلو في التزيد في باب الطهرانية والقدرة الكفاحية، هو إحدى الأشجار التي تخفي الغابة، في ظل هيمنة القطبية الثنائية للأصوليتين المخزنية والدينية، وفي ظل الهشاشة التنظيمية والقصور في تأطير العمل والمعارك الجماهيرية، وبالأحرى تأطير ومجايلة الأشكال النضالية الجديدة.