صافي الدين البدالي : ترشيح الذين تحوم حولهم شبهات الفساد مقدمة لإدخال البلاد في نفق مظلم لا مخرج له

صافي الدين البدالي : ترشيح الذين تحوم حولهم شبهات الفساد مقدمة لإدخال البلاد في نفق مظلم لا مخرج له

يواصل صافي الدين البدالي تحليله للمشهد السياسي المغربي في أفق الإنتخابات التشريعية القادمة وفي هذا الإطار وافى عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي " أنفاس بريس " بالورقة التالية بعنوان انتخابات 7 أكتوبر وسلطة الفساد معتبرا أن هذه السلطة تتمثل في آلية التحكم وما تفرضه هذه الآلية على فدرالية اليسارالديمقراطي من مواجهة بدءا بالمطالبة بإشراف هيئة مستقلة على العمليات الإنتخايية وهكذا نقرأ في الورقة:

بعد التقطيع الانتخابي وما يحمله من آليات التحكم في نتائج الانتخابات، وبعد إعداد اللوائح الانتخابية و ما تحمله من ناخبين أشباح و هو ما قبلت به الأحزاب المخزنية في إطارما يسمى بالتوافقات ذات خلفيات استبدادية ضدا على مقترحات أحزاب فدرالية اليسار (حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي،حزب الاشتراكي الموحد و حزب المؤتمر الوطني الاتحادي) الداعية إلى تكوين هيئة مستقلة تشرف على هذه العمليات تأسيسا للديمقراطية الحقة، بعد الخلط في توليف قوانين مبنية على جبر خواطر الأغلبية الحكومية و أحزاب المعارضة البرلمانية، تطلع علينا لوائح الترشيح المحلية منها و الوطنية للأحزاب المخزنية دون اعتبار لمطالب هيئات المجتمع المدني و معها الجماهير الشعبية ودون احترام المنهجية الديمقراطية في اختيار المرشح الذي يتمتع بالأخلاق السياسية و النزاهة له استعداد على المستوى الفكري و قدرات على التواصل الإيجابي مع المحيط التشريعي وأن يكون ديمقراطي الطبع حريصا على احترام مشاعر المواطنين و المواطنات و منسجما مع انشغالات الرأي العام الوطني الدولي.
لقد دأبت احزاب و بمباركة وزارة الداخلية على ترشيح اشخاص تحول حولهم شبهات لها ارتباط بالفساد ونهب المال العام و تزوير محاضر و استغلال النفوذ و الغدر و منهم من لازال تحت طلب الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق أو انه يحاكم بالمنسوب إليه بعد إحالة ملفه على المحكمة (محكمة الاستئناف بمراكش نموذجا ) .فأغلب محاكم الجرائم المالية بالمملكة أمامها ملفات مرتبطة بالفساد توافرت فيها جميع عناصر الجريمة المالية حيث كان من المفروض و من المنطقي و من الواجب الوطني أن تودي بالمتورطين فيها إلى ردهات السجن، بعقوبات حبسية لعدة سنوات في أغلب الأحيان، لكن الذي حدث في جل هذه الحالات هو العكس . حتى اصبح الرأي العام يلاحظ ان هناك سياسة التطبيع مع الفساد بكل أركانه المادية و المعنوية من طرف الدولة و أحزابها ، و إلا فما هو سر ترشيح من بين هؤلاء المتورطين إلى البرلمان من طرف بعض الأحزاب ؟.هذا يعني بأن التطبيع مع الفساد و نهب المال العام أصبح من أولويات النظام و أحزابه مما ينذر بولوج هؤلاء بواسطة المال الحرام و الفساد الأخلاقي و الإداري لمؤسسة تشريعية لها مكانتها السياسية على مستوى التشريع و التخطيط لمستقبل البلاد و لها مكانتها السيادية لأنها تعكس الصورة الحقية للمناخ السياسي للبلاد . إن هؤلاء الذين اصبحوا معروفين لدى الرأي العام المحلي والوطني بل حتى الخارجي بضلوعهم في الفساد المالي والإداري والأخلاقي هم من تولت بعض الأحزاب ترشيحهم لأنهم يريدون جعل الفساد في قمة الأولويات فمنه و به يتجبرون و يستبدون و يتحكمون و يستمرون في بناء جدران عالية لكل ريح للديمقراطية و يغتالون ما يسمى اليوم في بلادنا بالهامش الديمقراطي و يحافظون على استمرار مسلسل درامي من للانتخابات في جزئه العاشر من التخلف و من تفقيرالشعب وإدخال البلاد في المزاد العلني بعد الإفلاس.
لقد عرف المغرب الحديث ملفات فساد كبرى لكن غالبا ما يتم إخراج المتورطين منه كالشعرة من العجين ، و غالبا ما تتم التضحية ب
"أكباش" فداء و هم الأبرياء من الشعب أو من المدافعين على المال العام و على الكرامة . إن ملعب الفساد أصبح اليوم في بلادنا الأكثر اقبالا . وننتظرمن الفساد أن يدخل قبة البرلمان بالزغاريد و الهتافات. فلا ننتظر أخلاقا سياسية و لا حكامة و لا مسائلة و لا محاسبة.فخطر الفساد أصبح يحدق بالمجتمع المغربي بأكمله ، فمثله كمثل الإرهاب والطائفية والجهل والتخلف والعدوانية و تنامي الجريمة مما سيؤدي إلى خلل في جميع المؤسسات وتزداد مظاهر تردي في الاخلاق والمبادئ والقيم وهذا ما سيؤدي حتما إلى دمار مجتمعنا.
لم يكن تحذيرالأمم المتحدة من مخاطر الفساد اعتباطيا بل جاء بناء على قلق الدول العضو كما هو وارد في ديباجة الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد " إن الدول الأطراف تعبر عن قلقها من خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على المجتمعات و على أمنها مما يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة ، ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر.."
إن التطبيع مع الفساد من خلال ترشيح الذين تحوم حولهم شبهات مرتبطة بالفساد الإداري والأخلاقي و نهب المال العام هو مقدمة لإدخال البلاد في نفق مظلم لا مخرج له.