نبيل بنعبد الله: شيوعي في خدمة الأصولية

نبيل بنعبد الله: شيوعي في خدمة الأصولية

لم يعد عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة، في حاجة لتحريك جيوشه وجنده وكتائبه لمحاربة ما أسماه "التحكم"، فالمهمة أوكلها لأشخاص لديهم استعداد قبلي للخدمة، فمنهم من "يخدم" بالمال والإشهارات ومنهم من "يخدم" بوعود قد لا تتحقق مثل الوعد بالوزارة الذي تلقاه نبيل بنعبد الله، الأمين العام للتقدم والاشتراكية، فأصبح يقول ما لا يريد بنكيران قوله وأكثر.

من غرائب هذا الزمن أن تجد الشيوعي، الذي يدافع عن قيم الحداثة ويتبناها، ينبري لحمل السلاح انتصارا للمشروع الأصولي الرجعي مقابل وزارة حتى لو كانت "ربع وزارة"، مع العلم أنه لا يجمع بين الطرفين جامع، وهما على طرفي نقيض.

لم يعد أمام هذا الشيوعي ما يقدمه للمجتمع، وبالتالي توجه نحو الأعيان في الانتخابات السابقة ومع ذلك لم يحصل على فريق ففقد اسمه في مجلس النواب، حيث يحمل عنوان "فريق التقدم الديمقراطي"، ولم يحصل على ذلك إلا بإلحاق برلمانيين، وحاول حزب العدالة والتنمية تخفيض العدد اللازم إلى 18 برلماني لكنه لم يفلح.

فبعد الأزمة التي مر منها الحزب بالإضافة إلى مشاكل الترشيح وجد بنعبد الله نفسه غير قادر على الحفاظ على موقعه، ولهذا فضل أن يتمسك بالحزب الأصولي، على أن يدافع عن المشروع الحداثي، لكن الأدهى والأمر هو انخراطه في الحملة المسعورة التي يقودها بنكيران وجيشه ضد مؤسسات الدولة.

حديث بنعبد الله عن التحكم، الذي يزعم أن حزب الأصالة والمعاصرة، يمارسه نيابة عن مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، وفي ذلك إساءة لمؤسسات الدولة، التي تقف على نفس المسافة من الأحزاب السياسية.

لكن بنعبد الله أكثر من الكلام هذه الأيام عن التحكم، ليس إيمانا بأنه موجود، ولكن إرضاء للزعيم الأصولي، الذي صدق بأنه سيفوز بالانتخابات التشريعية وبالتالي العودة رفقته إلى الحكومة.

نبيل بنعبد الله دائما يعلق فشله وخطاياه على الآخرين، فعندما ارتكبت زوجته، لما كان سفيرا للمغرب بإيطاليا خطأ بروتوكوليا، هاجم وزير الخارجية، واليوم بعد أن تبين له أنه سيخرج خاوي الوفاض من الانتخابات أراد ان يعلق فشله على مستشار الملك.

الذين يعرفون بنعبد الله يقولون إنه اشد الناس استعمالا للتحكم سواء داخل الحزب أو داخل الوزارة، بل نسي الوزير الشيوعي أن الحكومة التي ينتمي إليها من أشد الحكومات ممارسة للتحكم، فقد استقطب الحزب الحاكم عددا من المرشحين قهرا وذلك من خلال التحكم في الرخص والترخيصات والكريمات، وما فضيحة مرشح الاتحاد الدستوري بسيدي قاسم سوى واحدة من كثير من الحالات، التي مارس فيها البيجيدي التحكم.

لقد عاش حزب التقدم والاشتراكية زمنا كان فيه ببرلماني واحد أو حتى برلمانيين، لكن كان قوة اقتراحية قوية وكان مشتلا لإنتاج الأفكار حول الدولة والمجتمع، وكان يقوده زعماء كبار يخدمون قضية الوطن في كل المحافل الشيوعية بالعالم، بينما اليوم أصبح ملحقة لدى حزب العدالة والتنمية، او مجرد لائحة انتخابية مثلما فعل نجيب الوزاني حليفه السابق.

ما قاله بنعبد الله، هو ترديد لما يقوله بنكيران وجيشه وكتائبه وطبالجيته، لكنه ضد الديمقراطية، لانه محاولة لإقصاء حزب سياسي أكد وجوده خلال الانتخابات التشريعية السابقة، التي لم تعرف تدخلا للسلطة إلا في إطار حماية العملية الانتخابية وذلك بشهادة جميع الأحزاب. أليس محاولة إقصاء حزب سياسي هو عين التحكم؟