محمد الوحداني: مال وبنون الريع في انتخابات الصحراء..سرطان يهدد الوطن

محمد الوحداني: مال وبنون الريع في انتخابات الصحراء..سرطان يهدد الوطن

 إن أية قراءة بسيطة لنتائج الإنتخابات السابقة، في صحراء المفرب الجنوبية، تجعلنا أمام ملاحظات أساس اهمها أولا ارتفاع حجم المشاركة، على عكس باقي مناطق المغرب، التي سنة بعد اخرى يتعزز فيها  جيش مقاطعي الإنتخابات! وثانيا أمام  ملاحظة  إنعكاس الصراعات القبلية والمالية على الصورة العامة لأي استحقاق شعبي. حيث تحاول كل قبيلة ومن خلال نتائج الإقتراعات، تعزيز موقعها التفاوضي مع المخزن الإداري، مدبر التوازنات الإستراتيجية، ومدير المصالح الإقتصادية، لتمسي السوق الإنتخابية، بورصة تستقطب زبناء المشاركة، لتوسيع حجم الفائدة... إن حجم المشاركة وتصدر المشهد الإنتخابي الوطني، لا يعني أساسا اقتناعا بالنسق السياسي القائم ! أكثر مما يعبر عن صراع وجود و مصالح  بين القبائل.. والأحزاب الحديثة  والمخزن العتيق، لم يفلحا الى حدود اليوم، في تفكيكك *أليات اشتغال القبيلة* في *العقل السياسي لهذه المجموعات البشرية*.... كانت سياسة الحسن الثاني، الموسومة بسياسة العصا و الجزرة، خارطة طريقه لإستقطاب وتدجين النخب المحلية بالصحراء، ومع مرور الزمن، اصبحت الانتخابات ومن خلال إمكانياتها التي توسع النفوذ المالي وشبكات العلاقات المصلحية، من مجالات تبييض الأموال المحصلة من ريع المشاركة! التي أنعم بها العهد الحسني على مناهضي المغرب، أو على شيوخ القبائل وأعيانها... وفي نفس الوقت وإن بشكل موسمي قار، من المناسبات التي يأخد *شعب الله القبلي* حقه من هذه الوزيعة الريعية. أموال التهريب الدولي، والتهريب المحلي.... وأموال صتاديق دعم المواد الأساسية، وأموال المقالع.... والرمال....

وأموال الصقفات العمومية، وأموال  مجهولة المصدر، ترسم ملامح المشهد السياسي والإنتخابي، عيانا بيانا دون حسيب أو رقيب، بالرغم عن محاولات محتشمة غير ناجعة، لمواجهة قانونية، لهذا الواقع السياسي الفاسد، خصوصا في المناطق الصحراوية. هذه التركة الثقيلة، ونتيجة تأثيراتها السلبية داخليا وخارجيا على المغرب ،تجاوز الحديث عنها فئات سياسية واجتماعية من الشعب، الذي يدفع ثمنا باهضا ومستمرا لإختيارات تدبيرية اثبتت فشلها، فاصبح  الملك محمد السادس نفسه في خطاباته الأخيرة، وبلغة مباشرة وحادة، لا يلمح فقط الى إدانتها، بل ارتفعت جرأة التصريح الملكي الى ضرورة واجب بناء ممارسة سياسة تتجاوز الفساد والريع! وخصوصا في الصحراء، وأن الولاء مقابل الريع، والولاء مقابل الإبتزاز، يجب الحسم معهما نهائيا. لكن خصوصيات المرحلة، وطبيعة المجتمع سواء في شمال المملكة، وجنوبها أيضا، والذي يزيد فيه الريع  بمراحل ،نتيجة صراع المناطق المتنازع عليها أمميا، وإستثمار ذلك من طرف النخب المحلية للي ذراع الدولة، تجعلان من المستحيل تجاوز هذا الفساد ،أولا لأنه اصبح دولة موازية داخل المخزن المغربي، وثانيا لأن توطأ جزء من النخب وجزء من الشعب، وجزء من الإدارة، على صناعة ورعاية إقتصاد وسياسة الريع، يؤبد إستمرار هذا الواقع! لأن الريع والفساد الإنتخابي أصبحا توازنا في حد ذاته. وما يمكن التأكيد عليه والتحذير منه، أن الإنتخابات القادمة ستظل رهينة الريع حتى موعد أخر، وما يوفره هذا السرطان من إمكانات تنافسية ضخمة وجبارة، لزبناء هذا النسق، الذي يعطي فرصا لشبكات التهريب والفساد السياسي، ليس فقط لصناعة مشهد انتخابي محلي أو تبييض أموال الريع والنهب... إنه يوفر للمتربصين بالوطن الآن وغدا، ظروف تخريب كل محاولات بناء دولة الحق والقانون والمواطنة. دولة الديمقراطية والحداثة والمواطن الحر.... إن المال السياسي الصحراوي غير النظيف، يصنع الغد القاتم، ويوفر شروط التعبئة الضمنية للخطاب الأخلاقي الذي يوظفه تجار الأخلاق والدين، خطاب الأمانة و النزاهة.... إن مال ريع الصحراء وبنون المشاركة القبلية  لتوسيع دائرة الإستفادة من خيرات الوطن، تهدد مستقبل الوطن. وهذا مجرد رأي...