فؤاد الجعيدي : رحم الله علي يعتة الذي كان وحده يشكل فريقا نيابيا ولا تمرعليه التفاصيل الصغيرة !

فؤاد الجعيدي : رحم الله علي يعتة الذي كان وحده يشكل فريقا نيابيا ولا تمرعليه التفاصيل  الصغيرة !

ما كل مرة تسلم الجرة، وهذه المرة جرت تصريحات نييل بن عبدالله، أمين عام حزب التقدم والإشتراكية، غضبة لم يكن ينتظرها عندما صرح بأن مشكلة حزبه ليست مع  الأصالة والمعاصرة  كحزب بل "مشكلتنا هي من يوجد وراءه، وهو من يجسد التحكم"  في إشارة إلى فؤاد عالي الهمة ، وهي تصريحات أصدر الديوان الملكي في شأنها بلاغا اعتبر فيه بأن تصريحات بن عبد الله ليست سوى وسيلة للتضليل السياسي في فترة انتخابية تقتضي الإحجام عن إطلاق تصريحات لا أساس لها من الصحة ، "أنفاس بريس"،اتصلت بفؤاد الجعيدي، متتبع سياسي،  فأدلى بالورقة التالية :

لم يسبق لي أن كنت حزينا مثل اليوم على مشهدنا السياسي ونحن على عتبة استحقاقات في العقد الثاني من الألفية الثالثة. أعترف الآن أننا في هذا الوطن لم نتصالح إلا مع شهداء سنوات الرصاص وغرفنا لهم من العزاء ما يكفي قبورهم من تراب. صرت غريبا في وطني.النقاشات السياسية،لا تستهدف سوى التبرير الجميل لهذه الحصيلة التي راكمت البؤس في ضفة والرخاء في ضفاف من لا يتعبون ولا يعرقون.

يعز علي أن تكمم أفواه الرجال ثم يبتلعون ألسنتهم من الخوف الأعمى. غدا الناس البسطاء يمقتون الخطابات السياسية التي يتعارك فيها الخصوم باستخدام التراشق بالكلام الساقط..ثم يتوحدون دفاعا عن امتيازات ظالمة .

ذهبت حنكة الرجال الذين أختبروا المبيت في غياهب السجون على أن يراجعوا مواقفهم وقناعاتهم ولو في أحلك الظروف. أذكر الآن الزيارة التي قام بها شمعون بيريز للمغرب ولقائه بالملك الراحل الحسن الثاني، كان طلبة الجامعات ينددون بالزيارة وفي نفس اليوم جاء موقف جريدة البيان مذيلا بتوقيع الأمين

 العام لحزب التقدم والاشتراكية الراحل علي يعته في الافتتاحية ،أن لا خير يرجى من الزيارة فالراحل السادات رئيس مصر بادر لزيارة الكنيست الإسرائيلي وبعدها مات مغتالا.الفلسطينيون والإسرائيليون هم وحدهم المعنيون بالسلام والمفاوضات المباشرة .وأن غيرهم غير معني القضية في بعدها التفاوضي هذه هي الخلاصات التي ذهبت فيها افتتاحية علي يعته والموقف الشجاع الذي سجله للتاريخ في الوقت الذي اختار في الجميع الصمت.

علي يعته كان تحفة وأيقونة في الفصاحة والبلاغة وكان متعة للناس يحكي عن جراح الأرامل والغلابة وكان وحده يشكل فريقا نيابيا ﻻ تمر عليه التفاصيل الصغيرة .لا لشيء سوى أنه كان يحرص على الاستشارة.ولا يتركها تبيت عنده حين طالبه  رئيس البرلمان السيد عصمان بالانضباط للوقت وهو يتلو من منصة البرلمان موقف الحزب من قضية الوحدة الترابية رد بقوة (حزبي علمني الانضباط) فما كان من عصمان إلا أن اضطر لتركه حتى أتم المداخلة.

اليوم أنا حزين، جد حزين على الخطابات السياسية على العلاقات بين الساسة على مواطنة لا تكبر في بالشكل  المطلوب كي أكون حرا وسعيدا.

لست سلفيا بهذا الحنين إلى ماض ذهب إلى غير رجعة ..لكني جد حزين على عقود، لم نستخرج منها الخلاصات المفيدة للارتقاء بالممارسات السياسية، لترافق تطلعات شعبنا الذي مل الانتظار في قاعة الانتقال الديمقراطي الذي طال بفعل تشتت قوى اليسار المغربي بكل أطيافه. وسمح بعودة التحكم في المشهد السياسي.هذا على الأقل ما نقرأه، في بلاغ الديوان الملكي، دفاعا عن أحد خدامه. .

أنا لا يهمني هل نبيل بنعبد الله كان على حق أم جانب الصواب ، لكنه بكل حال من الأحوال فهو موقف لقائد سياسي، انتخبه رفاقه في مؤتمر وطني والموقف الذي عبر عنه تمليه قناعات ومؤشرات من الواقع المغربي ولم يكن الأول ولا الأخير الذي عبر عن هذا الرأي؛علما أن طبيعة الصراع السياسي والاجتماعي في محطة الاستحقاقات، تفرض التعبير عن القناعات بالوضوح الكافي على الأفكار التي تعتمل داخل المجتمع.

لكن أن توجه لزعيم حزب سياسي رسائل واضحة، بأن كلامه تضمن تصريحا خطيرا، ثم توجيه إشارات ،أن الموقف لا يعني حزب التقدم والاشتراكية..هنا الضربة التي تستهدف قصم ضهر البعير، في استقلالية الأحزاب عن الحكم والإدارة.

إن امتدادات هذا الموقف التحكمي قد تكون من تبعاتها، في هذا الظرف الدقيق توجيه الترشيحات وإرادة الناخبين إلى وجهات معلومة؛ كما كان يحدث فيما مضى بالترويج أن الحزب هو حزب للملاحدة، بالرغم من أنه ضم في صفوفه فقهاء أجلاء وسنيين من ربوع تادلة وسوس العالمة .