يهدد المنطقة بالعطش: هل سيقود الدلاح شباب طاطا إلى السجن مثلما حدث بزاكورة؟

يهدد المنطقة بالعطش: هل سيقود الدلاح شباب طاطا إلى السجن مثلما حدث بزاكورة؟ منظر عام من طاطا
إذا كانت زراعة البطيخ الأحمر"الدلاح" بزاكورة، وما تسببت فيه من استنزاف للفرشة المائية الباطنية للمناطق(الفايجا) المزودة لمدينة زاكورة بالماء الشروب، وما أعقبها من حراك اجتماعي"ثورة العطش" جسد في عشرات المسيرات والوقفات الاحتجاجية، لازالت المدينة تعيش نتائجها لحد الآن منها خلق حالة من التوتر بين الأجهزة الأمنية والمواطنين خاصة بعد حملة الاعتقالات التي طالت الكثير من شباب المدينة والزج بالعديد منهم في السجن وإعفاء العامل،السابق، نتيجة سوء تدبيره للمرحلة واستمرار توتر الوضع بمنطقة "الفايجا" بسبب معارضة ساكنة المنطقة ربط مدينة زاكورة بـ 3 ابار، تم حفرهم بمنطقة لمغادر لإنهاء معاناة 50 ألف مواطن، مع قلة وعدم جودة الماء "الشروب"، والذي تطلب استنفارا امنيا كبيرا حشدت على إثره السلطات الإقليمية بزاكورة، مختلف الأجهزة الأمنية من أجل تفكيك اعتصام ساكنة الفايجا بمشروع الربط. اذا كانت هذه الأحداث هي الحصيلة الأولية لمخلفات زراعة الدلاح بزاكورة، فهل يمكن القول بإمكانية تكرار نفس السيناريو بإقليم طاطا نظرا لتشابه الأوضاع ؟؟ لذلك قامت" أنفاس بريس" بزيارة ميدانية لمنطقة فم زكيد والمناطق المجاورة لها، حيث صرح لنا الكثير من الساكنة الذين التقينا بهم بأن زراعة الدلاح دخيلة على المنطقة، وكانت بدايتها سنة 2012من طرف إحدى الأجنبيات التي إكترت مجموعة من الأراضي بمنطقة امحاميد، وبعدها انتقلت إلى واحة "أقا"، ونتيجة الأرباح الطائلة التي راكمها المستثمرون في هذه الفاكهة، أصبحت هذه المناطق قبلة للعديد من المستثمرين في القطاع الفلاحي خاصة من اكادير، وسوس (هوارة)، نظرا لما تزخر به من مؤهلات طبيعية(ارتفاع نسبة الحرارة، وفرة المياه رغم ندرة التساقطات، نوعية التربة…) بالإضافة الى تطوير التقنيات المستعملة في الميدان الفلاحي بما في ذلك السقي بالتنقيط والدعم الذي يتلقاه الفلاحون في اطار المغرب الاخضر .
ففي الفترة الممتدة ما بين بداية السنة الماضية إلى حدود الآنيقول احد الفلاحين عرفت بعض المداشير والجماعات القروية التابعة لبلدية أقا تحولا كبيرا، حيث أن أغلب الفلاحين خصصوا مساحات كبيرة من أراضيهم لزراعة البطيخ الأحمر، بعد أن كانت هذه الأراضي تستغل في زراعة القمح والبدور وبعض الخضر.
وأضاف المصدر نفسه، أن زراعة الدلاح، انتقلت إلى منطقة الفايجا فم زكيد، مما أجج صراعا قبليا حول هذه الاراضي، بين قبيلتي الكرازبة و اولاد هلال، نتيجة المضاربات العقارية والأراضي التي التهمتها زراعة الدلاح، كما عاينت الجريدة مئات الهكتارات خاصة في مناطق "بيا" و "احصية" و"لعوينات" و "الحاسي لصفر"
وبالرغم من الإكراهات الطبيعية المتمثلة أساسا في ضعف التساقطات المطرية فإن زراعة هذا النوع من الفاكهة لا زال ينتشر بشكل كبير حيث انتقل لأول مرة هذا الموسم إلى منطقة "تسينت "، مما سيؤثر سلبا في المدى المتوسط على الفرشة المائية الباطنية للمنطقة يقول المصدر نفسه.
وحسب فعاليات المجتمع المدني "باقا" فإن الفرشة المائية ستعرف تراجعا مهولا بفعل الاستغلال المفرط للمياه، وهو ما سينعكس سلبا على الواحات المتواجدة بالمنطقة.
ويذكر أن عدد الآبار في طاطا ، تجاوز 4000 بئرا مما اصبح يهدد الفرشة المائية التي تتميز اصلا بالضعف ويهدد أيضا الأمن المائي للمنطقة ،حيث اكدت لنا ساكنة مدينة فم زكيد بان المدينة بدأت منذ الان تعرف بعض الانقطاعات في الماء الصالح للشرب . مما ينذر بأزمة عطش على الابواب، حيث عاينت الجريدة الآبار المزودة للمدينة بالماء في دوار "ويفتوت" بمدخل المدينة، وكذلك ابار "النسولا" ، وعن المساحة التي تمتد عليها زراعة الدلاح بطاطا، ومدى تأثيرها على الفرشة المائية الباطنية .
أكد لنا أغلب المسؤولين الذين طرقنا ابوابهم بان "ليس لدينا أرقام مضبوطة"! "لا علم لنا بهذا الأمر"! ومنهم من قال بأن المكلفين بهذا الاختصاص يوجدون في معرض مكناس وهذا حال مكتب الاستشارة الفلاحية بطاطا ؟؟. ومنهم من رفض تقديم اية معلومة وهذا حال إحدى المكاتب بباشوية فم وزكيد. لذلك اعتمدنا على الزيارة الميدانية للمنطقةواستجواب الفلاحين والساكنة عموماكمصدر وحيد في المعلومات المتعلقةبهذه الزراعة. ونحن نجوب المنطقة أثار انتباهنا الانتشار المهول لضيعات الدلاح، خاصة بالمنطقة الممتدة من قيادة الوكوم الى مدخل بلدية فم زكيد على طول حوالي 23 كلم،و من الحاسي لصفر الى قرية لمحاميد على طول17 كلم .
وحسب تصريحات الفلاحين فإن الكمية التي تستهلكها زراعة هكتار واحد من هذه الفاكهة، من عملية سقي الأرض قبل زرع البذور إلى مرحلة الجني. هي حوالي 6000متر مكعب من الماء باستعمال تقنية الري بالتنقيط وتتضاعف الكمية عندما يتعلق الأمر بالسقي العادي.
وهذا يعني أن كيلوغراما واحدا من البطيخ الأحمر يحتاج ما مُعدّله 95 لترا من الماء، ويحتاج أكثر من ذلك في مناطق أخرى حسب نوعية التربة. أي أن دلاحة واحدة، تستهلك من طن إلى طنين من الماء،حسب وزنها الذي قد يصل الى 30 كلغ كما هو في منطقة "بيا".
إذن من خلال هذه المعطيات يمكن القول أن جميع العوامل التي كانت وراء اندلاع ثورة العطش، وما أعقبها من حراك اجتماعي بزاكورة اواخر 2017 متوفرة بإقليم طاطا.فهل سيبادر الجهات المسؤولة إلى تطويق الأمر أم أنها تنتظر انفجار الأوضاع مع حلول فصل الصيف خاصة وان الفرشة المائية الباطنية قد استنزفت ؟