سعيد الكحل : قنابل " البيجيدي" الثمانية لنسف التوابث الوطنية

سعيد الكحل : قنابل " البيجيدي" الثمانية لنسف التوابث الوطنية

من مميزات الدستور المغربي الحالي (2011)  أنه دستر الثوابت المغربية التي أجمع عليها الشعب وقواه الحية والفاعلة ونص عليها في الفصل الأول كالتالي (تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي). فهل حزب العدالة والتنمية يلتزم باحترام هذه الثوابت وبما ينص عليه الدستور؟ تكفي بعض الأمثلة للجواب عن هذا السؤال بكل وضوح، وهي كالتالي :

1 ـ السخرية من الأمازيغ، حيث لم يتردد السيد بنكيران، كرئيس حكومة لكل الشعب المغربي وكأمين عام للحزب الذي يضم ضمن أعضائه أمازيغ، في نعتهم بـ «البخل والجشع»؛ الأمر الذي لا يمكن تصنيف هذا الخطاب إلا ضمن «التمييز العرقي والعنصري» الذي يستهدف كرامة شريحة واسعة من الشعب المغربي. ومن شأن هذا الخطاب العنصري أن يمزق النسيج المجتمعي ويهدد تماسكه واستقراره.
2 ـ التهكم على التطوانيين حين قال «لا.. لا تطوان ما كرهوش دير ليهم كلشي تما»، وأضاف «كون جبرو حتى البرلمان ديرو عندهم تماك». الأمر الذي أغضب التطوانيين من بنكيران الذي لم يتصرف كرئيس حكومة لكل الشعب المغربي بمختلف جهاته وأقاليمه .
3 ـ ازدراء الدين اليهودي والتحريض على كراهية اليهود، الأمر الذي يعتبر تحقيرا لرافد مهم من روافد الثقافة المغربية وهذا يتعارض مع نص الدستور (تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء). وينبغي أن نستحضر هنا نوع الشعارات التي يرفعها أتباع الحزب في المسيرات أو الوقفات الاحتجاجية مثل «هذا عار واليهودي 
4 ـ ترشيح حماد القباج السلفي المتشدد الذي لا يكف عن الدعاء على اليهود بأن يمحقهم الله و«يأخذهم أخذ عزيز مقتدر» ويغرق حرثهم ويقطع نسلهم ويرمل نساءهم وييتم أبناءهم. إنها ثقافة الحقد والكراهية ضد فئة من المواطنين، الأمر الذي يحرض على الفتنة الطائفية والحقد العنصري ويصادم الدستور وقيم المواطنة التي ينص عليها.
5 ـ تسفيه المؤسسات الدستورية عبر تزكية ترشيح القباج لعضويتها في الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016، وهو الشخص الذي ينادي ويجيز تزويج بنت التسع سنين ضدا على القوانين التي تنص عليها مدونة الأسرة. فلم تعد مؤسسة البرلمان مؤسسة لها هيبتها واعتبارها، بل صارت مفتوحة في وجه من يكفرون الديمقراطية ويناهضون حقوق النساء ويرفضون الدولة المدنية ويسعون لإقامة الدولة الدينية.
6 ـ تعطيل والانقلاب على التشريعات المغربية عبر الدعوة التي وُجهت للعريفي المعروف بفتاواه الشاذة التي تسفّه كل التشريعات المغربية التي تصون كرامة المرأة وتضمن لها حقوقها في مختلف المجالات. ودعوة العريفي هي خطوة وإجراء ضمن إستراتيجية ينهجها الحزب ومعه الحركة الدعوية التي يمثل ذراعها السياسي، بهدف أخونة/أسلمة المجتمع والدولة والانقلاب على كل المكتسبات الحقوقية والثقافية التي راكمها الشعب المغربي على مدى عقود بفعل نضالات هيئاته المدنية والسياسية على اختلاف مشاربها الفكرية. فبعد أن حسمت مدونة الأسرة في عدد من القضايا التي كانت تؤرق النساء والهيئات الحقوقية، ومنها توثيق الزواج حتى لا تبقى مصلحة الزوجة والأبناء معرضة للضياع أو التلاعب من طرف الزوج ، أبانت الواقعة الأخيرة كيف لأعضاء الحزب أن يناصروا بقوة عضوين بالحركة لم يحترما القوانين الجاري بها العمل عبر «شرعنة» الزواج العرفي الذي تمنعه القوانين المغربية.
7 ـ السخرية من الشخصيات الوطنية ومن المبادرة الملكية المتمثلة في إطلاق اسم عبد الرحمان اليوسفي، كشخصية وطنية على أحد شوارع طنجة تقديرا له على نضاله وإخلاصه في خدمة الوطن والشعب، إذ سارعت كتائب الحزب إلى السخرية وتسفيه المبادرة الملكية عبر تقاسم وترويج العبارة التالية «طموح بنكيران وطموحنا معه أكبر من حَجرة في شارع…»؛ بل ذهب آخرون إلى اعتبار بنكيران «وليا من أولياء الله الصالحين»، وبالتالي ليس بحاجة إلى أن يُعلي الملك مقامه ، بل الله جعله من أوليائه الصالحين.
8 ـ تصنيف المواطنين إلى مؤمنين وغير مؤمنين ،إذ درج الحزب على هذا التقسيم الذي يمس وحدة الشعب وتماسك نسيجه المجتمعي ، وقد تأجج هذا التكفير مع طرح مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية للنقاش. وانخرطت قيادات وازنة في الحزب على التحريض ضد فئات واسعة من المواطنين الذين ساندوا المشروع. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحزب لم يغير موقفه من التكفير ،إذ مازال يوفر الحماية القانونية لأحد التكفيريين ويوقف وزيره في العدل أية متابعة في حق المدعو أبو النعيم الذي كفر ويكفر كل من يخالف الحزب. فضلا عن هذا، فإن مشروع القانون الجنائي الذي أعده وزير العدل والحريات لا يجرم نهائيا التكفير والتحريض عليه رغم مطالب الهيئات الحقوقية والسياسية والمدنية .الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أن الحزب يتبنى فتاوى التكفير ويحمي مروجيها ومصادرها.
كما يتضح مما سلف، أن حزب العدالة والتنمية لم يقطع مع الأسس الفكرية والعقدية التي تأسس عليها ، بل يعمل على ترجمتها إلى قوانين تهدد النسيج المجتمعي وتضرب ثوابت الشعب المغربي في صميمها.