هذه التحديات لا تقتصر على مجال دون آخر لكون الاستحقاقات ستفرز لنا نخبة حاكمة تمارس سلطتها لهذا، فإن الاختيار الصائب للفريق المراد انتخابه ينبغي أن ينبني على تقييم دقيق لطبيعة السياسات التي سيأتي بها، أما الأشخاص فلا عبرة بسلوكاتهم وأحوالهم الشخصية لأننا نرى أناسا يتلونون ويرتحلون من حزب إلى حزب... ولعل أهم ما يهمني بهذا الصدد هو تقويم نظرة الأحزاب للثوابت الدينية ببلادنا، على اعتبار أن الثوابت هي ما يضمن وحدة البلد وأمنه الروحي السياسي والقومي. وفي مقدمة هذه الثوابت تأتي إمارة المؤمنين ثم العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف. وإذا كانت معظم الأحزاب المغربية لا تبدي ولا يظهر منها أي اعتراض صغير ولا كبير على هذه الثوابت الدينية إلا أن حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي مازال مصممين على رفض هذه الثوابت إن بشكل صريح كما هو حال التصوف الذي مازال ينعت عندهم بالفكر الخرافي والقبوري والزيغ العقائدي والبدعة والضلالة وغيرها من النعوت القدحية. أو بشكل ضمني كما هو الحال في موقفهم من العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي اللذان عمدا إلى تأويلهما تأويلات سلفية متزمتة حولت الإمام الأشعري إلى أحد أتباع ابن تيمية، وجعلت من الإمام مالك شخصا وهابيا حرفيا سطحي الفهم. وإن أخطر ما في الأمر هو محاولتهم للحجر على إمارة المؤمنين بأشكال مختلفة تتدرج من المخالفة الفقهية والاعتقادية كما هو حال صلاتهم قبضا في حضرة أمير المؤمنين، وصولا إلى الطعن المباشر في أهلية أمير المؤمنين للإفتاء كما سبق أن فعله الريسوني. إن نظرة فاحصة في معتقدات القوم تكفي للقول إنهم ينكرون كل ثوابت المغرب الدينية إن بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. إن المغرب بالنسبة لهم ما هو إلا إمارة إسلامية في الخلافة الإسلامية التي صارت تركيا عاصمتها على حد قول الشيخ يوسف القرضاوي. أعتقد أن حزب العدالة والتنمية هو أكبر خطر داخلي يتهدد الأمن الروحي للمغاربة، وعلى المديين المتوسط والبعيد وإذا ما استطاعوا التغلغل داخل مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فإن الأمن السياسي والقومي سيكون في خطر شديد. في ختام هذه الكلمة أقول للجميع: إذا لم تجدوا حزبا يمثل تطلعاتكم فلا تسمحوا لهؤلاء القوم بإفساد دينكم ووطنكم ولا تعطوهم مستقبل أبنائكم يعبثون فيه بجهلهم وحقدهم وعمالتهم للخارج.