لا حياد مع شيوخ التكفير

لا حياد مع شيوخ التكفير

فجأة انتبه الأصوليون إلى معجم الأخلاق المهنية في الصحافة وجيشوا كتائبهم لقصف كل من انتقد ترشيح شيخ الكراهية حماد القباج باسم حزب العدالة والتنمية بمراكش، بل ذهبت بعض كتائب الأصوليين إلى "تأليه" القباج ومنحه لقب "الأستاذ، الصالح، الطاهر، النقي، الصافي، الساعي لخير المغرب والمغاربة"!  والحال أن جل الكتابات الصحفية لم تنتقد ترشيح شيخ الكراهية من منطلق دستوري أو قانوني بل من منطلق قيمي وسياسي .

فإذا كان الدستور وكل القوانين المرتبطة بالمنظومة الانتخابية تحدد موانع الترشيح والأهلية وغيرهما، فإن حالة حماد لقباح لا تنطبق عليها الآليات القانونية، لأننا لسنا أمام مواطن عادي وسوي، بل أمام مواطن أعلن منذ البدء خصومة مع موروث المغاربة الديني والمذهبي والتاريخي، وبالتالي فإن القوانين (في أي بلد) توضع للمواطنين الذين يدينون بالولاء لوطنهم ولشعوبهم وليس لمن يتحول إلى سفير للتطرف وللوهابية وللتكفير وللتزمت.

كتائب الأصوليين أمطرتنا بحقوق الإنسان وبالمواثيق الدولية وبما جرى به العرف في الدول الأوربية، وهنا سنشهد بالمثال الفرنسي الذي غرفت منه هذه الكتائب للرد على منتقدي ترشيح حمادالقباج.

ففي فرنسا لما احتدت المواجهة في الانتخابات الرئاسية  بين معسكر قيم الجمهورية "من يسار وخضر ويمين ووسط"ومعسكر قيم اليمين المتطرف"الجبهة الوطنية"، اتحدت العائلات الفكرية والسياسية المنتمية للمعسكر الأول ودعت ناخبيها إلى تجاوز خلافاتهم السياسية والحزبية للتصويت على مرشح اليمين"جاك شيراك آنذاك" ضدا على جون ماري لوبن رمز التطرف ورمز الافتراس الشنيع لقيم الجمهورية ورمز الحاقد على موروث الثورة الفرنسية.

تأسيسا على ذلك، نعتبر اختيار حزب العدالة والتنمية لحماد القباج وكيلا للائحته بمراكش، ليس افتراسا لموروث المغاربة التاريخي والديني فحسب، بل وخيانة للثقة التي أعطيت للأصوليين لما أذنت لهم الدولة بالدخول في الحقل السياسي تحت جبة حزب الدكتور الخطيب . كما تنهض هذه الحالة الآثمة كدليل على احتقار ذكاء المغاربة الذين ذكرهم ترشيح القباج بالقولة الشعبية المأثورة:" الشيخ عمرو ما ينسى هزة الكتف" كدليل على عدم الثقة في الأصوليين عامة وصعوبة التعاقد معهم في القضايا الكبرى للوطن.

فهناك أزيد من 24 ألف منتخب محلي وجهوي ينتمون لأزيد من 30 حزب يمارسون مهامهم التمثيلية بـ 12 جهة وب 83 عمالة وإقليم وب 1503 جماعة حضرية وقروية، فضلا عن ذلك هناك لوائح ستعرض على الناخبين في الانتخابات المقررة في أكتوبر 2016 تضم آلاف المرشحين"لم يكشف عددهم بعد".

لذلك عارضنا اختيار حماد القباج شيخ الكراهية مرشحا وسنعارضه، في حالة دخوله للبرلمان بعد اقتراع 7 أكتوبر. لأننا نؤمن بأن المغرب يسع للجميع إلا للمتطرفين والمتزمتين وللوهابيين ولزارعي الحقد والتكفير،فهؤلاء مكانهم عند طالبان في وزيريستان وأفغانستان وساحلستان.

فقد قاوم أجدادنا الاستعمار الفرنسي، وسنقاوم الاستعمار الوهابي والاخواني لبلادنا.