جسدها نجيب الوزاني: الاستمناء الانتخابي للسياسيين المغاربة وأسباب انسحاب الناخبين من المشاركة

جسدها نجيب الوزاني: الاستمناء الانتخابي للسياسيين المغاربة وأسباب انسحاب الناخبين من المشاركة

العزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية ليس لغزا مطلقا، فلقد كان هو سيد الكلمة في الاستحقاقين السابقين، وها هو يهدد الاستحقاق التشريعي القادم (7 أكتوبر2016).

أما أسباب العزوف فمتعددة، بدءا من خيبة الآمال في المشروع الإخواني لحزب العدالة والتنمية الذي خان الأمانة بتخليه عن وعوده الانتخابية، وانتهاء باستشراء الفساد بمختلف تجلياته، خاصة بعد غياب آليات الردع والمحاسبة والعقاب.

يهمنا في هذا المقال أحد مظاهر الفساد السياسي متمثلا في ظاهرة الترحال السياسي من حزب إلى حزب، ومن ولاء مذهبي إلى ولاء آخر مضاد. ومن تجليات هذه الظاهرة ما قرأناه حول قرار نجيب الوزاني رئيس حزب العهد الترشح باسم حزب بنكيران على رأس لائحة الحسيمة.

القرار يحمل الدلالات الثالية:

الإشارة الأولى: إن أول من يقوم بخرق مبدأ منع الترحال هم رؤساء الأحزاب أنفسهم. بل إن رئيس الحكومة ذاته يقبل بمبدإ خلط الأوراق والمرجعيات. وإلا كيف يقبل ترشيح شخص يرأس حزبا آخر، ولا علاقة له بهوية "البيجيدي"، ولا بتاريخه ولا بأفكاره؟ ثم كيف يقبل المعني بالأمر (نجيب الوزاني) الأمر ذاته؟

الإشارة الثانية تفيد سقوط مبدإ الاصطفاف الفكري والايديولوجي بين الأحزاب. حزب العدالة والتنمية يدمج مرشحين من المتطرفين التكفيريين، ومن الوصوليين من خارج هويته الإيديولوجية، ومن "الحداثيين". والجريرة نفسها تقترف من طرف باقي الأحزابـ، سواء كانت منتمية إلى ما يسمى "الصف الوطني": الاتحاد والتقدم والاشتراكية مثلا، أو كانت منتمية إلى الأحزاب التقليدية اليمينية بعد استقطابها لأسماء من الاتحاد أو من اليسار أو من اليمين: الاستقلال، البام، الحركة الشعبية....

أما الإشارة الثالثة فتفيد أن الاستهتار بالشأن السياسي صار الملة المشركة لدى سياسيينا. فلا أحد من الأحزاب القائمة يحاول أن يحافظ على نقاء خطه السياسي والمذهبي. الجميع يبارك خلط الأوراق، ولذلك سقطت مفاهيم اليمين واليسار والوسط، وتأثرت بذلك مفاهيم ما هو أصولي أو تقدمي، وما هو ليبرالي أو اشتراكي، وما هو محافظ أو حداثي.

بعد كل هذا وذاك يتم التساؤل لماذا يعزف الناس عن التسجيل في اللوائح الانتخابية؟ ولماذا يتقاعسون عن التوجه نحو صناديق الاقتراع؟

المغاربة أذكياء، وأحد أشكال تصريف ذكائهم الإنسحاب للأسف الشديد.