وإذا كان الأمر يدخل في إطار الديمقراطية الداخلية لكل حزب ، وأن الحزب يبقى مسؤولا أولا و أخيرا عن مترشحيه ، فالموضوعية تفترض الوقوف على بعض المعطيات التي تسجل إبان كل استحقاق ، وليست حصرا على الانتخابات البرلمانية بالضرورة : - الكل يعترف ، ومن داخل الأحزاب و خارجها ، أن الديمقراطية الداخلية التي يجب اعتمادها لاختيار المترشحين تبقى هي الضحية الأولى . كما أن التأطير الحزبي ، و الدورة التنظيمية لجل الأحزاب مغيبة أو مؤجلة ، مما يفسح المجال لضباط و صقور كل حزب للتدخل لحسم الأمر وفق بوفايلات و مصالح معينة . - اختيار المترشحين يعتمد معايير أخرى ، غير المعايير النضالية و التنظيمية ، لتصير جل الأحزاب عبارة عن وكالات انتخابية ، تفتح أبوابها لتستقطب المتنافسين القادرين على التحكم في أصوات المواطنين ، وبكل الوسائل المتاحة و الممكنة . - بروز ظاهرة العرابين و الوسطاء لدعم المترشحين الأقوياء ، و فرضهم حتى على الأحزاب نفسها . - احتكار الترشيحات من طرف أصحاف نفوذ و نقود لا يمارسون السياسة إلا إبان الترشيح . - ارتباط التصويت بالشخص و ليس بالحزب و برنامجه . - تداعيات الخطاب السياسي للأحزاب و تشابه الكليشيهات المقدمة للمواطنين . - ضعف التأطير السياسي للمواطن ، و تأكيد النفور و العزوف بفعل ضعف أداء الأحزاب و المؤسسة التشريعية ... وإذا كانت محطة الانتخابات التشريعية تعد من المحطات الحاسمة في رسم معالم الخريطة السياسية للدولة ، لما تمنحه من إمكانية للتأثير على السلطتين التنفيذية و التشريعية ، فإن الطريقة التي تتم بها تزكية المترشحين تؤكد أن الأحزاب جلها تقبل من البداية إفساد المسار الديمقراطي، من خلال اختيار مترشحين صاروا مناضلين فوق العادة و بدون رصيد نضالي في نفس الوقت ، وهو ما يؤثر بالضرورة على أداء الفرق البرلمانية ، معارضة كانت أو داخل الأغلبية . كما أن الأمر نفسه يزيد من ظاهرة العزوف و مقاطعة الانتخابات ، لأن المترشحين أصلا يدخلون اللعبة بأصوات يحسمونها مسبقا و يضعونها ضمن رصيدهم المالي و المادي و العقائدي و القبلي .. ولا مكان للبرامج و السياسة و المبادئ في الموضوع .