- العامل الأول، الإسهام في تبديد ملامح الخلط التي صارت تطبع حياتنا السياسية بعد سيادة الغموض حول المفاهيم النظرية الضرورية في كل مناحي العمل السياسي من قبيل اليمين والوسط واليسار والتقاطب والنخب والدستورانية والليبرالية والحداثة والسلفية والدعوى... ـ العامل الثاني: الإسهام في التعريف بأطروحات الأحزاب ومنظورها لحاضر البلاد ومستقبلها خارج المنطق الاستعراضي الشعبوي، بعيدا عن لغة التنابز والشتم والطعن المجاني من طرف كل الجهات. ـ أما العامل الثالث فيتمثل في الإجابة عن الحاجة إلى إعلام يواجه موجات الردة والتكفير التي صارت تهدد المجتمع المغربي بمختلف مكوناته المادية والرمزية، من محاربة الفن والآداب إلى تكفير الاجتهاد، إلى الدفاع عن عودة المرأة، إلى النصرة المباشرة للإرهاب. العوامل الثلاثة التي يجمع عليها كل حاملي رسالة الديموقراطية والحرية والتنوير لا تقتضي أن يبقى الإعلام العمومي حبيس نظرة الارتياب من كل نقاش سياسي، أو محصورا في منطقة متوهمة للبياض بإدعاء حياد متوهم. بدون ذلك ستظل مساهمة الإعلام العمومي والخاص على حد سواء بلا تأثير، فيما تستمر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة في أداء دورها الفعال في توجيه الرأي العام نحو المجهول. وقد رأينا الحضور المكثف لهذه الوسائل كلما عشنا مآسي اجتماعية أو رهانات مختلفة كحملة "زيرو ميكا" وقضية "الأزبال الايطالية" وتفكيك الخلايا الإرهابية، ومؤخرا فضيحة "كوبل حركة التوحيد والإصلاح". خلاصة القول إن الإعلام لا يمكن أن يكون مواطنا ما لم ينخرط ضمن انشغالات مواطنيه. ومن ثم مشروعية تسجيل هذا الانسحاب الخطير لإعلامنا العمومي من كل المعارك الاستراتيجية التي تفرضها علينا تحديات اليوم.