درج المسلمون "الحقيقيون" وعلى مر أزمنة التاريخ في محاولة لرفع القيمة الاعتبارية، إن لحدث أو لشخص ذكرا كان أو أنثى، الميول، بعد إقرار النسبية طبعا، لإسقاط بعض من التشبيه على تميز تخلل الفترة الزاهية من مسار هذا الدين الحنيف. وفي ذلك، لم تكن خفية تداول عبارات "صبر أيوب" و"جمال يوسف" و"حياء عثمان" و"شجاعة خالد بن الوليد" و"مودة علي"، و"عدل عمر"، و"إيثار عبد الرحمن بن عوف"، و"صدق الصديق"..إلخ.
ومع ذلك، كما سبق الذكر، كانت جميع تلك التـشبيهات في موضع "تقريبي" وبنوع من الحذر، على الرغم من رفعة النماذج المتشرفة بهذا القدر من دنو الإسقاط. بل وتحفظ الكثير من التقاة والتقيات عن ربط شخصوهم أو أفعالهم بفرد من أفراد تلك الحقبة قبل من أجازوا لهم حق التلميح لبعض نقاط الالتقاء.
اليوم، وفي الوقت الذي تبقى الحاجة أكثر لتغيير الصورة المزيفة والمروجة عن الإسلام والمسلمين، لما صار يربط بهما من مغالطات وهما براء منها. يطلع علينا الأصولي المتزمت حماد القباج بكلام أشد وقعا على سمعة الإسلام ورموزه الأجلاء من هرطقات أعدائه المكشوفين، حتى وصلت به الوقاحة إلى تشبيه فاطمة النجار، المتورطة في فضيحة أخلاق، بسيدة النساء زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة. واضعا بنت أبي بكر، وبتطاول المغرضين، على قدم المساواة برفيقة "الزائغين".
و"بلا حشمة ولا حيا" سرد حماد القباج حكاية أمنا عائشة التي لا يختلف أحد على حقيقة التآمر الذي قصفت به استقامة عفتها، ليقول بأنها لا تفترق عما تعرضت له النجار "في عرضها الطاهر"، حسب تعبيره، الذي أضاف في موضع آخر من خبطاته العشواء بأنه وكما حدث في واقعة السيدة عائشة، حدث كذلك فيما أنزل "كذبا" على فاطمة. إذ ستذهب "النجاسة وتبقى الطاهرة صامدة في طريق الدعوة والتبليغ عن الله ورسوله".
وبمزيد من الاستغراب، يطرح التساؤل: على من يلوي القباج عنق الحقائق؟، ومن يستغفل بادعائه هذا؟ ومن يعتقد من العقلاء سيمضي مجرورا لما يذهب إليه حسبانه الذي تثبت معاناته من حَوَل تقديري؟. لذلك، لا يعتقد بأن الرجل سيكشف سرا، وفق هذا التوجه، حين يعود غدا للحديث عن عمر بنحماد شريك النجار في رذيلة "الميرسيديس" ليسمو بالأخيرة إلى موقع سفينة نوح عليه السلام التي أنجى بها عباد الله الصالحين، قبل أن يستعيد أنفاسه المنهكة للتأمل في أمواج البحر الدالة على عظمة خلق الخالق كما كان يفعل أحباب الله الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله وزيد بن ثابت رضوان الله عليهم.