رشيد لزرق: تقرير الملاحظ النويضي غير محايد ومشبوه بالانحياز لبوعشرين

رشيد لزرق: تقرير الملاحظ النويضي غير محايد ومشبوه بالانحياز لبوعشرين رشيد لزرق (يمينا) وعبد العزيز النويضي

يرى الدكتور رشيد لزرق، خبير الشؤون الدستورية والبرلمانية، في حديث له مع "أنفاس بريس" أنه يشترط في الملاحظ، (أي ملاحظ) كناقل لأطوار المحاكمة أن يكون محايدا وأن لا يخلط  بين علاقاته الشخصية وتقييمه الحقوقي، بل ينبغي عليه أن يتخذ منهجاً حياديا بين أطراف المحاكمة، عبر تحكيم المواثيق الدولية أو الدستورية والقانونية التي ينص عليها دستور المملكة، وتكون مهمته هي التركيز على الانتباه للمحاكمة العادلة في بناء تقاريره.

وانطلاقا من هذا، يضيف لزرق، فإن التصريح الذي سبق أن  أدلى به الملاحظ عبد العزيز النويضي، المعتمد لدى هيومن رايتس واتش، مباشرة بعد اعتقال بوعشرين، تضعه خارج  إطار الملاحظ المحايد، لأن من شأن علاقته مع المتهم أن تفقده بوصلته التي يجب أن تقوده إلى الحياد والموضوعية، ولا ينحاز إلى طرف بذاته الذي هو توفيق بوعشرين، بحكم قربه الشخصي منه، وبالتالي يجعل النويضي بناء على هذا القرب يميل كل الميل ويحكّم بعاطفته، بالدرجة الأولى.

لهذا يؤكد محدثنا على أنه يشترط في الملاحظ  الحقوقي الحياد كركن أساسي لتولي مهمته الحقوقية في مراقبة المحاكمة، ونقصد بذلك الحياد الشخصي والموضوعي، لكن على ما يبدو من تصريحات الأستاذ عبد العزيز النويضي، يستدرك لزرق، فإن هذا الملاحظ لم يلتزم الحياد، على اعتبار أنه اتخذ موقفا في القضية قبل اطلاعه على محاضر الدعوى، بالنظر لوجود مصلحة وعلاقة شخصية بينه وبين أحد أطراف الدعوى، ويتعلق الأمر بالمتهم، وهذه العوامل تجعله من الناحية الشخصية مجرحا فيه لأن تقريره سيكون مشكوكا فيه استنادا على  معايير الشفافية القانونية والمصداقية الحقوقية.

إلى ذلك أوضح المحلل السياسي لزرق، بأن حياد الملاحظ هو مبدأ ضروري ومطلوب بشدة في متابعة أطوار المحاكمة موضوع الملاحظة، والتي يجب متابعتها بشكل موضوعي يتماشى والمعايير الحقوقية الكونية المتعارف عليها، ومن طرف ملاحظين محايدين يتوفرون على الكفاءة القانونية اللازمة. مضيفا في الوقت نفسه أن الوقائع تؤكد أن الأستاذ عبد العزيز النويضي خانته في هذه القضية الأداة والمنهج العلمي في القراءة الحقوقية المتأنية لواقع نزاهة توفيق بوعشرين، الأمر الذي لا يؤهل النويضي لقراءة الواقع الملموس، ويجعله يبتعد عن الحياد.. والدليل على ذلك أنه بتاريخ 24 فبراير 2018، أي بعد يوم واحد من اعتقال بوعشرين، أصدر النويضي تصريحا في أحد المنابر الإعلامية، يعلن فيه انحيازه للمتهم توفيق بوعشرين، بشكل لا غبار عليه، ويقول فيه، "لا يمكن فصل الأسلوب الذي تم من خلاله اعتقال الصحفي بوعشرين، الذي تمت مداهمة مقر جريدته "أخبار اليوم"، من قبل 20 رجل أمن بزي مدني واعتقاله، عن مواقفه وتحليلاته"... و"أن هذا الأسلوب هو اعتداء على قرينة البراءة، وحق الصحفيين في العمل، وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها هذا، فقد سبق أن تم إغلاق جريدته التي نشرت رسما كاريكاتيريا لأحد الأمراء". ويتابع النويضي "أن الاعتقال تم دون احترام الاجراءات القانونية". معبرا عن "قلقه من الأسلوب، وننتظر مزيدا من المعطيات، وهناك مجموعة من المحامين لمؤازرته وزيارته تحت الحراسة النظرية، كما ننتظر أيضا معرفة ماهية التهم الموجهة إليه".

ويفسر لزرق هذا الواقع الذي وضع النويضي نفسه فيه كمدافع عن توفيق بوعشرين قبل تكييف التهمة أو الاطلاع على المحاضر، فيه كثير من التناقض، في وقت كان يفترض فيه أن يقوم بدور الملاحظ وأن يلتزم بالحياد التام.. وتصريحه أعلاه يخرج عن فكرة الحياد.. وبالتالي، فإن تقريره لا يتمتع بالمصداقية اللازمة التي يجب أن تتوفر في التقارير المنجزة من طرف الملاحظين المكلفين بمراقبة احترام حقوق الدفاع -التي تعتبر فرعا من فروع حقوق الإنسان- اثناء متابعتهم وحضورهم لأطوار جلسات المكلفين بحضورها لأغراض حقوقية، وليس لأغراض شخصية، مما يجعل تقرير النويضي مشوبا بعيوب عدم التزام معايير الحيادية والتوثيق في تقريره والانحياز لأطراف معينة. وبالتالي خروج التقرير عن المصداقية وتوظيف المنظمة الحقوقية لمآرب ذاتية، تتنافى وأهدافها في ترسيخ حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة.

وعليه، يختم المحلل السياسي، فإن الإبقاء على الأستاذ النويضي عبد العزيز، يجعل تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، مشبوها بالانحياز للمتهم، ويتناقض مع أهداف المنظمة التي باتت مدعوة إلى اعتماد شخصية حقوقية من الجيل الجديد الذي يواكب الثورة الرقمية والمتحررة من هوس السياسة، الأمر الذي من شأنه تقوية دورها في الدفع بحقوق الإنسان وتحقيق شروط المحاكمة العادلة.