صافي الدين البدالي: فاجعة واد أم الربيع وصمة عار على جبين حكومة العثماني

صافي الدين البدالي: فاجعة واد أم الربيع وصمة عار على جبين حكومة العثماني الفاعل الحقوقي صافي الدين البدالي (يمينا) وسعد الدين العثماني رئيس الحكومة

الحادثة المأساوية التي وقعت، مؤخرا، بين ضفتي نهر أم الربيع، الفاصل بين إقليمي سطات وقلعة السراغنة، كانت فاجعة بطعم الفضيحة التي تساءل عنها الجميع، مسؤولين ومنتخبين. فقد عرت تيارات الوادي الهادرة عن بؤس الخطاب وبؤس الواقع، وزيف إسهال الكلام عن العدالة المجالية، والتي عجز مروجوها عن مجرد إنجاز قنطرة تزيل حدود الماء، لتربط صلة الرحم بين مواطنين تجمعهم قرابة ومصاهرة بين جماعات بين الضفتين، مثل سيدي أحمد الخدير، دائرة البروج سطات، ودوار الخلافنة بسيدي الحطاب لقلعة السراغنة، ليخطف التيار الجارف للنهر أسرة بكاملها، مكونة من أم وأبنائها الثلاثة، خاطروا، كعادة أهل البلد، بالعبور على متن ما يشبه قارب تقليدي جدا تنعدم فيه شروط السلامة، والذي سرعان ما  انقلب بهم ليبتلعهم النهر في قاعه.. في هذا الإطار توصلت "أنفاس بريس" من صافي الدين البدالي، فاعل حقوقي وقيادي بحزب الطليعة من قلعة السراغنة، بهذه الورقة :

"في بلادنا يموت الناس غرقا أو احتراقا واختناقا من أجل رغيف حاف أو من أجل الوصول إلى العمل، أو من أجل الحرية أومن أجل الكرامة، بل حتى من أجل الوصال. فبعد ضحايا معابر سبتة وامليلية في صفوف النساء وضحايا نساء منطقة الصويرة من أجل حفنة دقيق فيه حبات رمال، وبعد حادثة السير التي ذهبت ضحيتها مجموعة من النساء العاملات في الضيعات الفلاحية بنواحي اكادير، عشنا مساء يوم الأحد 15 أبريل 2018 كارثة أكثر حزنا وأعمق أسى، تنضاف إلى سابقاتها من المآسي المؤلمة.. إنها كارثة غرق سيدة وأبنائها الثلاثة في واد أم الربيع، وهي تريد أن تقطع الواد على متن المركب البلاستيكي المتهالك إلى الضفة الأخرى بجماعة سيد الخيدر بإقليم سطات، حيث زوجها في انتظارها، بعد زيارة لأهلها بجماعة سيدي الحطاب بإقليم قلعة السراغنة، لكن أمواج الوادي حالت بينهم، ومال بهم القارب، وابتلعت الأمواج السيدة وأبناءها الصغار، ورب الأسرة بالضفة الأخرى ظل مصدوما مذعورا لا حول له ولا قوة له أمام ارتفاع منسوب المياه بفعل التساقطات المطرية الأخيرة.

إنه مشهد تراجيدي ومأساوي فعلا. ومن هنا نطرح السؤال على حكومتنا الموقرة، وعلى المنتخبين من رؤساء جماعات والبرلمانين ورؤساء الجهات عن معنى محاربة الهشاشة والفوارق المجالية: هل هي مصطلحات للاستهلاك الانتخابي؟ أم تخطيط استراتيجي للخروج بالمجتمع المغربي من دائرة المعاناة الاجتماعية والثقافية الاقتصادية؟ وهل ما زال في زمننا الحالي، زمن السرعة والعولمة والتكنلوجيا، يموت الناس غرقا من أجل العبور من ضفة إلى أخرى؟ ألم ينته عهد القوارب التقليدية للمرور عبر أم الربيع من الضفة الشمالية إلى الضفة الجنوبية؟ إن الواقع الذي نعيشه مازال يكرس الفوارق الاجتماعية والثقافية والمجالية بكل تجلياتها وأبعادها التي لا تتولد عنها إلا المعاناة ومظاهر البؤس والتخلف. لقد اعتاد سكان ضفتي وادي أم الربيع المخاطرة بحياتهم باستعمال القوارب التقليدية لقطع الوادي والمرور من ضفة إلى أخرى، بالنظر للروابط التاريخية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بين سكان الضفتين من قبائل السراغنة والرحامنة من جهةن وقبائل ابن مسكين ودكالة من جهة أخرى.

ولكن بالمقابل نلاحظ أن المسؤولين من سلطات ومنتخبين بكل من جهة مراكش آسفي وجهة الدار البيضاء سطات لا يعيرون هذا الاختلال المجالي أي اهتمام، على الرغم مما يخلفه من ضحايا، كما لا يقومون بتخصيص ميزانيات ضخمة من أجل تدارك هذا العطب المجالي ببناء سلسلة من القناطر على وادي أم الربيع، عوض هدر المال العام في مواسم التبوريدة والمآدب الدسمة المصاحبة لها ونهب ماليات الجماعات بالجهتين معا".