خطاب عشرين غشت لهذه السنة حمل رسائل عديدة، لمغاربة العالم الذين أصبحوا مستهدفين في العديد من الدول بسبب الإنحراف الذي حصل في الدين وابتعاد العديد منهم عن الوسطية والإعتدال الذي عاش عليها المغاربة خلال قرون.
الخطاب حمل كذلك رسائل للحكومة، التي تتحمل المسؤولية الكبرى فيما آلت إليه أوضاع خمسة ملايين، إشارة الملك للإرهاب الذي تورط فيه جزئ من مغاربة العالم وأساؤوا به للجميع هو في حد ذاته انتقاد لسياسة تدبير الشأن الديني في أروبا ،مصدر الإرهاب بالخصوص، الملك خصص حيزا في خطابه وأشار لمعاناة مغاربة العالم من الميز العنصري وازدياد نسبة العداء لكل ماهو مسلم، معاناة المغاربة من الإسلاموفوبيا، تجرنا للبحث في هذا الواقع ومسبباته، لم تبخل الدولة المغربية منذ مدة في دعم الإسلام المعتدل، من خلال التأطير الديني المؤسساتي إما عن طريق البعثات الدينية أو من خلال تأسيس المجلس الأوربي للعلماء، تدبير لم يعط النتائج المتوخاة رغم الإمكانية الكبيرة التي خصصتها الدولة المغربية، إن إشارة العاهل المغربي لظاهرة التطرّف والإرهاب في خطابه دليل على عدم قناعته بالدور الذي تقوم به عدة مؤسسات موكول إليها تدبير الشأن الديني في أروبا بالخصوص.
تفهم العاهل المغربي للوضع الصعب الذي أصبحت تعيشه الجالية المغربية في العديد من الدول الأروبية بسبب النظرة العدائية التي أصبحت للغرب عن المغاربة والمسلمين، رسائل كذلك لدول الإتحاد بضرورة حماية الغالبية التي لا علاقة لها بما حصل.
إن تكريم العاهل المغربي لأحد الكتاب المغاربة بالفرنسية، والذي له مواقف ومشاركات في ندوات كثيرة، هو في حد ذاته تشجيع لمثل هذه الكفاءات التي تعطي الصورة الحقيقية عن الإسلام المعتدل الذي يجب أن يتشبث به الجميع.
واستقباله من طرف الملك إشارة للرأي العام الأوربي والمتتبعين للشأن الديني، بأن الإسلام الذي يدافع عنه هذا المفكر هو الحل لتجاوز هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها الجالية المغربية في العديد من الدول
الملك كان صريحا عندما انتقد بقوة ودعا مغاربة العالم للتشبث بدينهم المبني على الوسطية والإعتدال، والإبتعاد عن الأفكار المتطرفة التي تسيء إلى القيم المثلى التي دعا إليها الإسلام، العاهل المغربي أشار كذلك إلى روح التضامن التي يجب أن يتحلى بها المغاربة مع المهاجرين جنوب الصحراء، ودافع بقوة إلى ضرورة تغيير النظرة النمطية اتجاه الأفارقة الذين يختارون المغرب هروبا من الحروب والأوضاع المزرية، كما أن العاهل المغربي أشار في نفس الوقت لضرورة تطوير العلاقات مع الدول الإفريقية في كل المجالات، هذه العلاقات التي يجب أن تكون مبنية على أسس سليمة، خلق استثمارات وتشجيع المبادلات التجارية ودعم اقتصاديات الدول التي تعاني.
اهتمام العاهل المغربي بمغاربة العالم ليس وليد اليوم، وإنما تناوله في خطب سابقة كثيرة أشار فيها للدور الذي يمكن أن يلعبونه في المساهمة في التنمية والتدبير الجيد للشأن العام من خلال التمثيلية في المجالس التي وردت في الدستور المغربي مجلس الحكامة، المجلس الوطني لحقوق الإنسان لاسيما ونحن أحوج اليوم وفي هذه المرحلة العصيبة التي نمر بها بسبب ارتفاع نسبة العنصرية في المجتمعات التي نعيش فيها إن العداء للإسلام من طرف المجتمعات الأوربية يفرض تواجد مغاربة العالم في هذا المجلس للمساهمة في إيجاد حلول لهذه المشاكل.
إن اهتمام العاهل المغربي بمغاربة العالم ومعاناتهم، رسالة للحكومة التي أغفلت مسألة إشراكهم في تدبير ملف الهجرة.
الخطاب بصفة عامة وحمولته، يعتبر في نظر العديد ثورة حقيقية يجب أن يستوعبها الجميع.