معنينو في رواية مثيرة عن إحياء الملك الحسن الثاني لذكرى المولد النبوي إلى جانب قبر الرسول

معنينو في رواية مثيرة عن إحياء الملك الحسن الثاني لذكرى المولد النبوي إلى جانب قبر الرسول الملك الراحل الحسن الثاني

في مطلع الثمانينيات كان الملك الحسن الثاني في زيارة للسعودية من أجل إقامة طقوس العمرة، فأقام السعوديون حلقة من الشرطة حول الكعبة، حتى يوفروا للملك ومرافقيه الظروف المواتية للطواف بالكعبة. وكان كلما مر بالحجر الأسود يقبله، يقول الصحفي محمد معنينو قيدوم مذيعي التلفزة المغربية، والذي عرف لدى المغاربة بتغطية وقائع المسيرة الخضراء على القناة الأولى في تصريح لـ "شوف تيفي"، وأردف معنينو قائلا: "ثم جاءت السلطات السعودية بدرج ليصعد فيه الملك وبعض المرافقين للدخول إلى قلب الكعبة.."

ثم يسرد الصحفي معنينو حكاية احتفظ بأسرارها لما يقارب 35 سنة. يقول: "صادف تواجد الملك الحسن الثاني في العمرة عيد المولد النبوي، والعادة أن الملك الراحل كان يحيي عيد المولد النبوي بطقوسه وبخوره وشموعه وتراتيله وقرآنه في ضريح والده أو في القصر الملكي، حيث يتولى الخدام الإعداد للاحتفال بالكثير من الاستعداد مع احترام البروتكول والتقاليد المرعية. ففاتح الملك الحسن الثاني الملك فهد بن عبد العزيز، وقال له: أنا سأحتفل بذكرى جدي إلى جانب قبره". وأضاف "السعوديون هم وهابيون لايتسامحون في هذا الأمر، لايمكن بثاثا الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم في بلادهم، وزيادة على ذلك الاحتفال بالأناشيد والتراتيل فهذا ممنوع عندهم، فقال الحسن الثاني للملك فهد: هل تمنعونني أن احتفل بجدي. وكانت العلاقة بين الملكين قوية جدا، فقال له الملك فهد: بعد صلاة العشاء سأفرغ المسجد النبوي، وسيظل تحت تصرفك إلى أن تحل صلاة الصبح بربع ساعة، ثم سأقفل الأبواب وسأضع الشرطة على الأبواب. فادخل أنت ومن تريد واحتفل كما تشاء".

هذا ما تم تحديدا. يؤكد معنينو، وهو يسترسل في ذكر قصته المشوقة " لقد أمر الملك الحسن الثاني بإحضار المسمعين ومجودي القرآن ودليل الخيرات، وقياد المشور والمخازنية، وغيرهم من الأشخاص المختارين بعناية لهذه المهمة. كما أحضروا المباخر الفضية الكبيرة والشموع والبخور وغيرها من المعدات من المغرب، وفي ظرف قصير جاءت طائرتان محملتان بكل ما يلزم الاحتفال بذكرى المولد النبوي في المسجد النبوي، قادمتان من المغرب. لقد أراد الملك توفير جميع الطقوس وكأنه جالس في القصر الملكي. وهكذا جلس الملك بين منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبره وهو "روض من رياض الجنة". وجلس المسمعون والمنشدون في صفوف متوازية، وكذلك مجودي القرآن واستمروا في الذكر والتراتيل والأناشيد الدينية التي تمجد ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم... وكان الخدم يحملون مباخر العود لقماري الكبيرة ويطوفون بها في المسجد النبوي. وبعد فترة قام الملك الحسن الثاني ودخل قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وفتح له الحارس الباب الذهبي الأول، وهو الباب الذي يشاهده كل من يزور القبر النبوي، حيث لايسمح بلمسه... ثم فتح الحارس الباب الثاني وكان من الخشب وربما هو من العرعار. وبعد ذلك وجد الستائر وفتحها. ودخل الملك وحده.

وظل بجوار قبر الرسول صلى عليه وسلم أزيد من عشر دقائق. وعندما خرج كان يبكي. "كان الملك الراحل متأثرا جدا وهو جالس في مقام جده الرسول الأعظم، ويتذكر معنينو: "أذكر أنه كان بيده منديل أبيض يجفف به دموعه. وفي يده الأخرى سبحة خضراء. وعندما خرج أشعل مصور يعمل بالتلفزة المغربية أضواء الكاميرا من أجل تصوير تلك اللقطة. فأشار الملك بإطفاء الأضواء. فقال لي: السي معنينو واش دخلتي سلمتي على جدي. فقلت له: الله يبارك في عمر سيدي مادخلتش. فقال لنا جميعا: "نزلوا الكاميرات ودخلوا خذوا البركة". فدخلت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وتأثرت كثيرا، ودعوت فأكثرت الدعاء. ومرت تلك الليلة خالدة جدا. حيث التزم الملك الحسن الثاني بالوقت الذي حدده الملك فهد. وكان الناس يقفون بالمئات أمام أبواب المسجد النبوي لصلاة الصبح.

وكان الشرطة يقولون للمصلين احتراما للملك تركناه يصلي هو و بعض الشرفاء. وبسرعة تم جمع ونقل المباخر والشموع والزرابي وغيرها من المعدات. وفتحت الأبواب وصلينا مع الناس صلاة الفجر. وكأن شيئا لم يقع وخرجنا بعد ليلة ليلاء، مازالت مسجلة تفاصيلها في التلفزة المغربية ولم تبث إلى حدود اليوم. هذا الشريط المصور الذي يخلد إحياء الملك الحسن الثاني ذكرى المولد النبوي في المسجد النبوي وبجوار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، لازال ضمن الأرشيف السري الذي تحتفظ به التلفزة المغربية، والذي قد يبث بعد مرور قرن من الزمان، وقد لايبث أبدا. ويختم معنينو "لقد احترم الملك الراحل السعوديين ورغبتهم في عدم نشر تفاصيل ذلك الاحتفال بعيد المولد النبوي. واحترم رغبة الملك فهد بعدم إذاعة صور ذلك الاحتفال.".