نظمت، البارحة، بلدية سان كاشانو فال دي بيزا (إقليم فلورانس وليس إقليم بيزا المعروف ببرجها المائل) عرض الفيلم الوثائقي "الساحل والصحراء الروابط بين التهريب والمخدرات والإرهاب" لمخرجه المغربي حسن البوهروتي، في مدرج ممتاز تابع لبنك كيانتي، بمشاركة المستشار السياسي لرئيس جهة طوسكانة وعمدة المدينة وعدة هيئات نقابية وسياسية وجمعوية. وفي نفس المناسبة تم تكريم البوهروتي بجائرة المدينة من طرف العمدة ماسيميليانو بيشيني.
الوثائقي الذي عرض لأول مرة في إيطاليا في بلدية مارياني والذي يعالج الحركات الإرهابية في فضاء الساحل الصحراوي التي كانت مارياني إحدى ضحاياه، تم عرضه في البرلمان الأروبي وعدة دول اسكندنافية.
بهذه المناسبة ألقى السيد ماسيمو طوسكي، المستشار السياسي في التعاون الدولي لرئيس جهة طوسكانة (برلمان محلي)، كلمة هامة تطرق فيها إلى الوضعية الرهيبة التي عاشها العالم خلال السنوات الماضية من عمليات إرهابية واختطافات وعدم الاستقرار في ليبيا ومالي وغيرها من البلدان التي عرفت أحداث مؤلمة، وأثنى في كلمته على المجهودات المبذولة من طرف العمدة لإحياء الذاكرة وعدم الرضوخ لضغوطات مشبوهة كانت تهدف عدم عرض الشريط، ونوه بالمنظمين وإحياء ذاك الزخم التضامني الواسع مع مارياني خلال محنتها في الاختطاف. وفي هذا الصدد ثمن مجهودات المخرج البوهروتي لإنجازه هذا العمل لحفظ الذاكرة.
أما السيد ماسيميليانو بيشيني، عمدة المدينة، فقد عبر عن تشكراته العميقة للجالية المغربية بإيطاليا التي تتضامن بشكل منقطع النظير مع القضايا الإيطالية ومشاركتها الفعالة في الحملات الواسعة المطالبة بإطلاق سراح المختطفة مارياني. ولم يفت العمدة التأكيد على أن "اليأس" الذي يعيشه "الخاطفون" في منطقة الصحراء والساحل سبب لما عرفته مواطنته من اختطاف وترهيب.
كانت جد مؤثرة وواضحة شهادة صاندرا مارية مارياني أمام عائلتها والحضور المكثف الذي فاق مائة شخص جلهم إيطاليون: "إن قادة القاعدة بالمغرب الإسلامي، شباب من مخيمات اللاجئين الصحراويين تندوف، اختطفوني من منطقة جانيت بالجزائر ونقلوني إلى مالي واحتجزوني لمدة 440 يوم". "علموني سور من القرآن والشهادتين"، "كنت أعيش العزلة التامة عن العالم".
"أخبرني عدنان أبو وليد الصحراوي بأن بن لادن والقدافي ماتا"، "كان أبو وليد لطيفا معي، وحكى لي أن أحد أقاربه كان يزور طوسكانة مع أطفال مخيمات تندوف خلال الصيف". للإشارة فإن عناصر من البوليساريو أصبحوا قادة في جماعات إرهابية، ك"لقاعدة في المغرب الإسلامي" و"المرابطون" و"الموجاو" و"الدولة الإسلامية في الصحراء" وغيرها.
أندريا تشابي، صحافي في جريدة لاناصيوني ومؤلف كتاب "الإرهاب والاتجار في أعضاء البشر"، أكد أن الوثائقي كشف قضايا الساحل والصحراء لم تكن معروفة بالشكل الكافي في طوسكانة.
في كلمته عبر المخرج حسن البوهروتي عن ارتياحه لكونه أهدى لمارياني ولإيطاليا وثيقة هامة يمكن الاستفادة منها لفهم ما يجري في أرض ينعدم فيها الأمن والاستقرار، ليست بعيدة عن أوروبا، إنها منطقة الساحل والصحراء وخطورتها بسبب روابط ملموسة تجمع العصابات الإجرامية والإرهابية والإنفصالية.
أمام تصفيقات حارة للحضور قدم العمدة ماسيميليانو بيشيني جائزة تكريمية تحمل إسم مدينة سان كاشانو فال دي بيزا إلى المخرج حسن البوهروتي.
ويسجل أن العمدة لم يرضخ لضغوطات موالين للانفصاليين كانت تهدف إلى عدم عرض الوثائقي في بلديته وهذا ما أكده المستشار السياسي لرئيس جهة طوسكانة في كلمته تشجيعا للعمدة.
وصلة بالموضوع، فإن تنظيم البلدية لعرض الوثائقي جاء بناءا على اقتراح مشترك بين الرهينة سابقا صاندرا مارية مارياني والجمعية الإيطالية "إنسييمي" (معا) العاملة في الحقل الثقافي والاجتماعي في البلدية، وشبكة جمعيات الجالية المغربية بإيطاليا والفيديرالية الإفريقية بطوسكانة.
بعد اللقاء الذي دام حوالي ساعتين تم تنظيم عشاء مغربي إيطالي.
للتذكير فإن البلدية تربطها "علاقة صداقة" مع الإنفصاليين، وهي علاقة محلية غير معترف بها ولا ترقى إلى مستوى علاقات الصداقة والتوأمات المعروف دوليا. وكانت البلدية في الماضي تحتضن أنشطة دعاية جمعيات تابعة للانفصاليين.