عبد الرحمان العمراني:شكاوى معممة وحدود سائلة

عبد الرحمان العمراني:شكاوى معممة وحدود سائلة عبد الرحمان العمراني
ظاهرة ما انفكت تسترعي انتباهي في المدة الأخيرة ،يصعب علي توصيفها بدقة واعترف أن ليس في مراجعي من المفاهيم ما يسعفني لمقاربتها بشكل واضح وإجراءي :يتعلق الأمر بالشكوى المعممة لجزء من المغاربة من الجزء الآخر.في قضايا معينة على درجة من الخطورة .
خذ مثلا موضوع الرشوة والارتشاء ؛جزء يتهم الجزء الاخر،وينعته بالأصابع .هذا الجزء يقول : اه هذا النوع يا لطيف منهم .هكذا ستسمع انهم كذا وكذا .من الأوصاف . ولا تدري من كثرة اختلاط الأوراق وتعميم الظاهرة واستكانة الراشين واختفاء المرتشين وما ملكوا -لا تدري أين هو الجزء الشاكي وأين هو الجزء المشتكى به، ولا أين تنتهي الشكوى ليبدأ الشاكي في سلوك ممارسة هي من نفس نوع ما كان الدافع لشكواه في الأصل. ولن تعرف ما هي خطوط الافتراق والتماس،الانفصال والاتصال بن المجموعتين أو الجزأين من الأمة. فالشاكي هنا قد يصبح مشتكى به هناك. والظالم اليوم قد يصبح مظلوما غدا.
هي حدود سائلة.
وخذ مثلا مسألة الجدية في العمل والضمير المهني ومسألة الغش في مجال الإنتاج وفي الأداء الاقتصادي بشكل عام.نفس الملاحظة ،جزء يتهم الجزء ولكن الأجزاء متناثرة على كل الجوانب ،متداخلة في كل الاتجاهات .ومرة أخرى ستسمع باطراد نفس المعنى، نفس النغمة عند التعبير عن شكاوى من جزء على جزء،أو من مجموعة على اخرى.
إنها حدود سائلة.
حدود سائلة هنا أيضا بين الأجزاء المتقابلة في ساحة حروب الكلمات ومعترك تبادل النعوتات.
والحاصل انه حينما تتعمم ظاهرة من هذا النوع والحجم وتصبح الحدود سائلة بين أنماط الممارسات الاجتماعية شكلا ومنطوقا والملتقية في الميدان في تماس وتفاعل وتشابك، يصبح من الصعب على الدارس الاجتماعي -بله الملاحظ -ان يميز بيسر بين تلك الأنماط من الممارسات ومواقع أصحابها على سلم القيم.
وفي مثل هذه الوضعية فان منطق الإصلاح لا يمكن أن ينفصل عن الإقرار اولا بالطابع الشمولي والمعمم للظواهر السلبية في مجتمعنا. ويقتضي هذا، وفي المقام الأول نبذ التجزيء والنمذجة النمطية على قاعدة القطبية الاجتماعية الجامدة التي يلجأ إليها بعض الدعاة الحكواتيين.
وبعد هذا الإقرار بإعطابنا الجماعية، بشجاعة وتبصر، سيصير للمحاسبات والحسابات والمتابعات نكهة أخرى ومصداقية أقوى. وبغير ذلك لن نلوم الناس أن هم استمروا في ترديد تلك العبارة /اللازمة المغرقة في القدرية ؛عبارة " وخلاص اولاد عبد الواحد كلهم واحد."
بقيت الإشارة إلى أن إحدى فضائل السينما المغربية، رغم محدوديتها بمقاييس الدراما العالمية ،انها ترينا وجهنا كاملا في المرأة ، بدون رتوش في عدد من ممارساتنا الاجتماعية بما لا يستطيعه الخطاب السياسي المباشر ولا خطاب الوعظ والإرشاد ذو النزعة الأخلاقية أو العقدية.