حامي الدين يختار الانتحار على طريقة الجبناء بدل طريقة النبلاء!

حامي الدين يختار الانتحار على طريقة الجبناء بدل طريقة النبلاء! دماء ايت الجيد بنعيسى تطارد عبد العالي حامي الدين
رسالة التضامن التي بعثها عبد العالي حامي الدين، الغارق في دماء محمد بنعيسى أيت الجيد، إلى "أولي الأمر"، باختياره "الطوعي" الاصطفاف إلى معسكر الاغتصاب والتحرش الجنسي، يبدو أنه حاول من خلالها (أي الرسالة) حرق آخر السفن التي ستربطه بعالم القيم وحقوق الإنسان والكرامة، في عملية انتحارية، لكن حتى السلاح الذي اختاره لينتحر بواسطته كان سلاحا "رخيصا"، لم ينتحر مثل النبلاء وفق طقوس "الهاراكيري"، وهي طقوس معروفة في أوساط محاربي "الساموراي" الذين يعطون للانتحار قيمة وشرفا، ويرفعون من سمو الموت. ليس موتا رخيصا وبالمجان، بل هو موت "نبيل". فمحاربو الساموراي الذين يؤمنون بضوابط قانون "البوشيدو" كانوا يلجأون لطقوس "الهاراكيري" تفاديا للوقوع في أيدي العدو أو لمسح عار الهزيمة. وقيام الساموراي بهذا العملية الانتحارية هو بمثابة التكفير عن أخطائه ودليل على النبل والطاعة، حيث في الكثير من الأحيان كان الساموراي يعين أحد مقربيه ليقطع رأسه بضربة سيف بعد أن يقوم ببقر بطنه بنفسه.
حامي الدين اختار انتحارا "جبانا"، وهو يسبح ضد التيار "الحقوقي" الذي ينسب له نفسه برئاسة "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان"، إلا أنه حوله إلى "ملحقة" للدفاع عن مصالح حامي الدين فقط، والشاهد في الموضوع هو استعماله لـ"المنتدى" في أقل من أسبوع لإخفاء معالم جريمة أيت الجيد، وتوظيفه لقضية توفيق بوعشرين لمصلحته الشخصية، ليسا تعاطفا "إنسانيا" مع قضيته، بل تعاطفا شخصيا مع جريمته، و"عزاء" ذاتيا لنفسه.
في الوقت الذي اختار جميع أعضاء الأمانة العامة والمجلس الوطني لحزب البيجيدي "التضامن" مع بوعشرين في "السر"، لحساسية الاتهامات الموجهة لتوفيق بوعشرين التي تهم الشرف والعرض، اختار عبد العالي حامي الدين أن "يجهر" بتضامنه مع بوعشرين حتى قبل أن تتضح الرؤية، ويتبين الخيط "الأبيض" من الخيط "الأسود" في قضيته. لأن تسرعه في اختيار الانحياز إلى "معسكر" بوعشرين، هو دفاع ضمني عن متهم بالتحرش الجنسي غير مقبول من شخص يدعي بأنه يرعى "الكرامة" و"حقوق الإنسان".
الوقوف إلى جانب بوعشرين بمعنى آخر هو وقوف ضد قيم المجتمع، وضد العدالة الذي لم ينتظر أن تأخذ مجراها، تماما مثل ما يحدث في قضية أيت الجيد التي لم يستطع التخلص من خيوطها. وهو في هذه الحالة يجعل قضية بوعشرين "تجليا" لقضيته، لما تحمله من عناصر مشتركة، سواء على مستوى الفعل الجرمي والجنائي أو على مستوى هيأة الدفاع التي تترافع في الجريمتين: جريمة "القتل"، ثم جريمة "الشرف".
لكن عبد العالي حامي الدين بهذه الخطوة التصعيدية، واختياره أن يكون ضد "معسكر" الضحايا، وهو مستشار برلماني وقيادي بارز بحزب العدالة والتنمية، فيه إساءة لحزبه الذي يرفع شعار محاربة الفساد، وتناقض مع القيم التي يتبناها... فهل أخذ الضوء الأخضر والمشورة والفتوى من حارس "المعبد" وحامي "العرين"، سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب؟ ففي هذه الحالة لا يسيء حامي الدين لنفسه، بل يسيء حتى لحزبه، أم أن موقفه من جرائم التحرش والاغتصاب هو إجماع حزبي، وما قام به حامي الدين هو مجرد إعلان عما يترسخ في "النوايا" وما تضمره "الصدور" من فكر "أصولي" و"راديكالي" يتنافى مع القيم الإسلامية. من هنا لا تلتقي "الأصولية" الدينية التي يدافع عنها البيجيدي مع قيم الإسلام التي لا تتسامح مع تهم "التحرش" و"الاغتصاب" و"الاتجار بالبشر".
اندفاع عبد العالي حامي الدين، وسباحته ضد التيار، اندفاع غير محسوب العواقب، وسباحة ضد التيار "الحقوقي" و"الإنساني"، مثل سمك "السلمون" الذي يسبح -خلافا لكل الأسماك الأخرى- ضد التيار ويرقص رقصة الموت الأخيرة، قبل أن يصبح وليمة على موائد "الدببة" المفترسة.
فأي الانتحار أشرف وأنبل، هل الانتحار على طقوس "هاراكيري" الساموراي أم "غباوة" السلمون؟!