لهذا سيكون المغرب الناطق باسم القارة الإفريقية والدفاع عن مصالحها في "كوب 22"

لهذا سيكون المغرب الناطق باسم القارة الإفريقية والدفاع عن مصالحها في "كوب 22"

بعد "ليما" و"باريس" المنتميتين لقارتين مختلفتين، أتى الدور هذه المرة على مدينة مراكش المحسوبة هي الأخرى على قارة مغايرة، ليس فقط لاحتضان فعاليات "كوب 22" ما بين 7 و18 نونبر 2016، ولكن لتكون أيضا المحطة الأكثر أهمية من جميع سوالفها بفعل ما ينتظر تجسيده أثناءها لكل ما تم تداوله من قبل. على أساس أن "كوب 20" بالبيرو حمل شعار "التفاوض"، و"كوب 21" بفرنسا كان لغاية "التقرير"، وكوب 22" بالمغرب من أجل "العمل". الأمر الذي  يؤكد مفاصل الاختلاف بين أهداف اللقاءين السابقي الذكر ولقاء مراكش من جهة، ويؤكد من ناحية ثانية نقطة الالتقاء فيما بينهم على صعيد القصد العام والمتمثل في محاربة تأثيرات التغير المناخي العالمي. ومع ذلك، لا يمكن بأي حال من الأحوال، القفز على المعطى الإفريقي للمغرب سواء كدولة منظمة أو رائدة إيكولوجيا بين جيرانها، وربطه بخصوصيات هذه القارة التي شاءت الأقدار أن تعج بكل ما يجعل المناسبة في صلب أحد أوائل مصائرها، خاصة والأرقام المسجلة تعكس تناقضات جديرة بالدراسة، وعلى رأسها إحراز "تميز" أقل المناطق تلوثا بالعالم، وفي الحين ذاته تصدر أكثرها تضررا من قساوة الطبيعة.

في الوقت الذي يتم الإجماع على أن المشكل المناخي لا يستثني دولة من دول العالم، تظل بلدان القارة الإفريقية ذات السمة التي يمكن تسميتها بـ"المفارقة". وذلك من منطلق تصنيفها ضمن البقاع الأقل تلوثا على هذا الكوكب، إنما في الوقت عينه الأشد ألما من مخلفات سخونة بيئته.

وبلغة الأرقام الدالة على هذا الواقع الإيكولوجي الأسمر عند مقارنته بنظيره لدى الدول المتقدمة، فإن إفريقيا، سنة 2012، أصدرت أقل من 4 في المائة من انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون، نظير 26 في المائة بالنسبة للصين و15 في المائة للولايات المتحدة الأمريكية. والأكثر من ذلك، فإن إفريقيا جنوب الصحراء التي تأوي 860 مليون من الساكنة، دون احتساب جنوب إفريقيا، تستهلك 139 مليار كيلواط كل ساعة، في حين أن إسبانيا تحتاج لـ 243 مليار كيلواط في الساعة وهي التي تقدر ساكنتها بـ47 مليون نسمة فقط.

المفارقة

وعلى الرغم من كل هذه النقاط الإيجابية، تخلص النتائج إلى الثمن الغالي الذي تؤديه إفريقيا بخصوص تأثيرات التغير المناخي على خلفية تعدد الظواهر الطبيعية القاسية بها، إن كانت جفافا أو تصحرا أو فيضانات أو عواصف مدمرة. مما ينعكس سلبا على حجم الموارد الذي يتقلص، ولن يؤمن سوى 13 في المائة من الحاجيات في حدود سنة 2050، وفق منظمة الأمم المتحدة. التي أضافت بأن ارتفاع درجة سخونة البيئة بـ2 في المائة يؤدي إلى تقزيم المردود الفلاحي بـ20 في المائة داخل إفريقيا سنة 2050. أما المنظمة العالمية للصحة، فقد توصلت أبحاثها إلى أن التغيرات المناخية تساهم بشكل كبير في انتشار الأمراض التنفسية والمعدية بالقارة، فضلا عن مشاكل سوء التغذية التي تزداد سوءا بعادات الترحال والتنقل. إلى جانب الانفجار الديمغرافي المنتظر بلوغ نسمته 2,5 مليار سنة 2050 بما ينجم عنه من بطالة وتدني فرص الشغل. حسب آخر تقرير لمنظمة هيأة الأمم المتحدة.

استغاثة

وضع مثل هذا لم يكن إلا ليزيد من نداءات سرعة الإنقاذ، وإطلاق صفارات الإنذار. ولعل ذلك ما لمح إليه الملك محمد السادس عبر خطابه الموجه لقمة "كوب 21" بفرنسا حين قال بأن الأزمة المناخية هي أقصى ما يتهدد الدول النامية وخاصة الإفريقية والأمريكية اللاتينية، مؤكدا على أن القارة السمراء هي مستقبل العالم.

وبنفس التصور طالب باقي القادة الأفارقة دعم قارتهم، بالموازاة مع ما حددته منظمة الأمم المتحدة كخصاص سنوي إلى حدود عام 2050، والمقدر بـ 40 مليون أورو. وفي هذا الاتجاه كان قرار فرنسا برفع مساعداتها لمحاربة التصحر في إفريقيا بثلاثة أضعاف ليصل إلى مليار أورو سنة 2020 مقابل 300 مليون أورو حاليا. ومن جهتها وعدت الدول المتقدمة بتقديم 10 مليار دولار لدعم الطاقة الخضراء بحلول سنة 2020.

كما تعهد البنك الدولي بإنشاء جدار أخضر لحماية الأراضي الصالحة للزراعة من التصحر. وضخ 2,2 مليار دولار للحفاظ على المجال الغابوي واستعادة نحو 100 مليون هكتار عند حلول سنة 2030. هذا، ومن الالتزامات أيضا منح 62 مليار دولار سنويا لصالح الدول النامية لغرض تحسين مناخها، سيكون من 2 إلى 5 مليار منها من نصيب الدول الإفريقية. علما أنه سبق لقمة "كوبنهاكن" عام 2009 أن دشنت لصندوق أخضر بـ100 مليار دولار.

وإذا كانت هذه المبادرات تنم عن الإرادة القوية من أجل إفريقيا أكثر تقدما، فإنه وبرأي العديد من الملاحظين، وجب الاعتماد على التنمية الذاتية عوض تقديم المساعدات الخيرية، لأنه بذلك لن تتم مساعدة إفريقيا فحسب وإنما العالم بأسره حتى يعيش بالشروط المناخية الضرورية.

إفريقيا.. الضحية الأولى للتغيرات المناخية

أكد الخبير في مجال المناخ البروفيسور عبد الغني الشهبوني، أن المغرب يتحمل مسؤولية كبيرة تتمثل في مثابرته الجادة من أجل ضمان أفضل سبل النجاح للقمة العالمية للمناخ "كوب 22"، علاوة على كونه سيضطلع خلال هذه التظاهرة العالمية الكبرى بدور الناطق باسم القارة الإفريقية والدفاع عن مصالحها. وقال الشهبوني وهو مدير أبحاث بـ"معهد البحث من أجل التنمية الفرنسي" وممثله بالمغرب، في تصريح صحفي سابق، إن إفريقيا هي الضحية الأولى للتغيرات المناخية، حيث تنعكس بشكل سلبي كبير على مختلف دول القارة السمراء. مشيرا إلى أن قمة المناخ بمراكش ستكون قمة الإجراءات العملية، لأنه من الضروري أن تتمخض عنها قرارات واضحة تفضي إلى تنزيل ما تم الاتفاق عليه خلال "كوب 21" التي احتضنتها العاصمة الفرنسية باريس.