زريوح يرد على فتوى حامي الدين: اخترنا "معسكر" الحقيقة أولا وأخيرا في ملف بوعشرين وأيت الجيد

زريوح يرد على فتوى حامي الدين:  اخترنا "معسكر"  الحقيقة أولا وأخيرا في ملف بوعشرين وأيت الجيد حامي الدين ، و سعيد زريوح ( يسارا)
هكذا تكلم حامي الدين، وهو يؤدي واجب مناصرة توفيق بوعشرين؛ وليخبرنا بوجود خيط ناظم بين محاكمة صديقه بالدار البيضاء وإعادة فتح ملف الشهيد آيت الجيد بمحكمة فاس. هكذا تكلم وخيرنا بين الانتماء لجبهة الخير الذي يجسده هو وطائفته أو الارتماء في حضن الشر الذي يجسده عدوهم..
هذا الخطاب، وبغض النظر عن كونه يمتح من لغة الحرب لا لغة السياسة، يعدم ويسقط كل خيار مغاير ويمنح لنفسه حق تقسيم البشر بناء على منطق إقصائي تتوارى خلفه ثقافة تجعل الإنسان مسلوب الإرادة ولا قدرة له على التموقع خارج الدائرة التي يرسمها له الكهنوت. إن خطابا من هذا النوع نعتبره خارج التاريخ ويستوجب نقدا صريحا بحكم طبيعته الإقصائية أولا والتضليلية ثانيا.
فقول حامي الدين بأن ما يتعرض له هو وصديقه الصحفي هو انتقام من مواقفهم السياسية من طرف ما يسمونه بالتحكم يبدو للوهلة الأولى قولا متماسكا وله حتى ما يبرره إذا ما نحن انتبهنا للتوقيت والإعلام وما يعد في مطبخ السياسة. طيب، ولكن متى كان النضال ضد التحكم والفساد والاستبداد والدولة العميقة يعني التبرئة القبلية لكل المعارضين من كل تهمة وشبهة ؟ ومتى كان اعتلاء منابر المؤسسات الرسمية والغير الرسمية وإلقاء الخطب أو كتابة الافتتاحيات يمنح الحصانة لهؤلاء المعارضين؟ ومتى كان غير مطلب المحاكمة العادلة هو ما يؤطر فعل المناضلين الديمقراطيين سواء كان من يحاكم هو الجلاد أم الضحية؟
وبمعنى آخر وبسيط، هل شكنا في نهج الدولة لسلوك انتقامي يعفينا من البحث عن الحقيقة؟ وهل ليس من الواجب أن نعرف إن كانت الدولة تمتلك حقا وتريد به باطلا أو ليس لها سوى الباطل؟ إن الثابت تاريخيا أن المعارضين لكل الأنظمة الاستبدادية تعرضوا للإنتقام بكل الوسائل التي توزعت بين الاغتيال الرمزي والمادي والنفسي... ولكن من المؤكد كذلك أن صف النضال والمعارضة لم يكن قويا إلا وهو ينتصر للحقيقة والشفافية وسيادة القانون واحترامه وتطبيقه على الجميع بغض النظر عن وضعياتهم الاعتبارية.
إن قول حامي الدين هو في تعارض صارخ مع مبدإ عدم الإفلات من العقاب وينتصر لحساب السياسية ضدا على المبادئ الكونية والإنسانية. إن تسييس أي محاكمة من هذا الطرف أو ذاك هو في نهاية المطاف لا يخدم قضية العدالة في شيء لأنه يبحث عن الحكم في ساحة أخرى غير ساحة القضاء ويتعدى على حقوق المتضررين.
إن التقاء حامي الدين وأصدقائه، ولو نظريا، مع العديد من المغاربة في مطلب الديمقراطية ليس معناه هو الانتماء لمعسكر إلغاء المحاكمات من أصلها لأن الدولة تريد بها شرا لمعارضيها، بل معناه الحقيقي هو الاستماتة في الدفاع عن التأسيس لشروط المحاكمة العادلة. إن انتصارنا للديمقراطية وحقوق الإنسان لا يجب تصريفه بناء على مواقعنا في المعادلة وبالنتيجة فنحن مطالبون أخلاقيا بالانتصار للعدالة بغض النظر عن ضعفنا أو قوتنا.
وبهذا المعنى، فإن دعوة الانتماء إلى أحد المعسكرين اللذين حددهما حامي هي دعوة لاغتيال الحقيقة، وبالتالي فهي دعوة مرفوضة شكلا ومضمونا. وفي نظرنا فإن الديمقراطيين ليس عليهم البحث عن انتماء جديد يفتيه عليهم آخرون ولكن عليهم التشبث بانتمائهم الأصلي الذي تحدده مفاهيم :الحقيقة، المحاكمة العادلة، احترام قرينة البراءة....
                                          سعيد زريوح، صديق الشهيد بنعيسى أيت الجيد