ناشطة في المجال البيئي: لنجعل من النفايات الإيطالية المستوردة فرصة لنسف لوبي صناعة الإسمنت بالمغرب

ناشطة في المجال البيئي: لنجعل من النفايات الإيطالية المستوردة فرصة لنسف لوبي صناعة الإسمنت بالمغرب

ما يقع الآن من حديث وسجال واحتجاج حول النفايات القادمة إلى المغرب كضيف مزعج، ينبغي أن لاينسينا أن هذه "السلعة" لم يتم جلبها من أجل فقط طمرها ودفنها في أرض المغرب الطيبة، بل لغاية حرقها في أفرنة مصانع الإسمنت لما تنتجه هذه السلعة من طاقة حرارية تضاعف انتاج  وأرباح هذه المصانع. وبالتالي فالسؤال يجب أن يركز حول نشاط لوبي هذه المصانع المكون من شركات (لافارج هولسيم، اسمنت الأطلس، اسمنت المغرب ، اسمنت تمارة) لأنه غالبا ما يصاحب تطور هذا النوع من الصناعة  تأثير سلبي على البيئة، وكذلك مدى المواكبة الواعية لهذا الموضوع الحساس من طرف المجتمع المدني. وفي هذا الإطار التقت "أنفاس بريس" بناشطة ومناضلة بيئية وثيقة الصلة بالموضوع، والتي طلبت عدم الكشف عن اسمها فصرحت بما يلي:

بكل موضوعية وبكل صراحة نحن في المغرب نصادق على اتفاقيات دولية دون أن تكون لنا الأهلية والإستعداد التام تقنيا، وخبرة وكفاءة لمواكبة هذه الإتفاقيات. وهكذا وفي إطار دبلوماسي نوقع على اتفاقيات وندخل في إطار معاهدات دولية ونكون سباقين في التوقيع على المسائل التي تعطي رونقا للمغرب ولكن دون طرح السؤال حول هل نحن ككفاءات وطنية وكتقنيين  وخبراء أخذنا مكانتنا لترجمة هذه الإتفاقيات على أرض الواقع وبالطريقة الصحيحة؟ وهل هؤلاء "الناس" الذين يمثلون بعض القطاعات لهم الدراية والكفاءة التامة للمواكبة أم فقط تم استقدامهم "لملء الفراغ" وخدمة مصالح أخرى بعيدة عن المصالح الوطنية؟

ولماذا لم يتم استدعاء جميع الخبراء من داخل المغرب ومن خارجه في ميدان البيئة وفي مجال تقييم النفايات وجمعهم حول مائدة مستديرة لمناقشة الموضوع من حيث الفوائد التي تجنيها البلاد وشركات الإسمنت والمواطن عامة من النفايات المستوردة  من الخارج. وماهي الأضرار المتوقعة من هذه النفايات كذلك التي تسيء إلى المغرب؟ وأين هو الرأي العام والمجتمع المدني اللذان من المفروض أن يلعبا دورهما في هذا الباب؟ حتى لا يبقيا في حدود ترديد الشعارات وتظل فعاليات المجتمع المدني تقول (أنا فاعل) وهي تجهل الموضوع أصلا؟ خاصة ونحن في طور بناء مواطنة جديدة في المغرب.

وتضيف الناشطة في البيئة قائلة بأن الدوائر المكلفة  بالبحث والتحقيق قد تسلمت الأمر فعلا من أجل إجراء هذا البحث، ولكن لأننا في مرحلة تسخين الحملات الإنتخابية وأمام  هاجس الحرص على المصالح الشخصية إضافة إلى عدم الإفصاح عن موضوع ونوعية هذا البحث المطلوب، هل حول النفايات وأثرها على البيئة؟ أم حول مساطر استيرادها؟ أم حول الأشخاص المتدخلين في صفقة الاستيراد من إيطاليا؟ كل ذلك يجعلنا نعتقد بأن البحث الذي تمت مباشرته لن يخدم الصالح العام في آخر الأمر.

واعتبرت محدثتنا أن المشكل المثار اليوم يأتي في سياق وطني يتميز باستعداد المغرب لاستقبال (الكوب 22) حول المناخ، ويعني ذلك أن بلادنا ستكون أمام موعد عالمي وهو ما يقتضي معه أن نجعل ما وقع بالمغرب   ومن الضجة التي أحدثتها النفايات الإيطالية مناسبة لحوار وطني موسع    وتحويل التداعيات السلبية لصفقة النفايات المثيرة والقرارات السياسية والإقتصادية وغيرها، التي ستتخذ في شأنها إلى مكسب إيجابي بتعبئة الرأي العام والمجتمع المدني والإعلام من أجل توعية واسعة بالبيئة والتنمية المستدامة على مستوى المصطلح والمضمون ومسؤولية كل فرد ومواطن في المحافظة عليها حتى لا تبقى البيئة فقط "موضة" الكل يتكلم عنها دون معرفة كافية بمدلولها وحتى لا تكون "البيئة" تستعمل كمقابل"الزبل" بل يجب أن نرقى بالتحسيس بها كتربية وأسلوب حياة. وبالتالي فإن مناسبة حضور197 دولة في تظاهرة (كوب 22) ستكون محكا حقيقيا للمغرب، فإما أن نكون بالفعل قاطرة للتنمية بالمغرب وإفريقيا وإما (نجيبو الضحك علينا). لأن المؤتمر العالمي الذي يستعد له المغرب سوف لا تحضر فيه البيئة لوحدها، بل سوف تحضر معها استثمارات ومبادلات ووسائل إعلام كبرى كذلك.