من الطرائف التي يتداولها الراي العام المسفيوي، هو مشاركة عبد الجليل البداوي، رئيس الجماعة الحضرية لأسفي حزب العدالة والتنمية، في وقفة احتجاجية نظمتها التنسيقة المحلية لمحاربة الفساد والمفسدين سنة 2015.
قد تكون المشاركة عادية من فاعل سياسي يتفاعل مع هيئات المجتمع المدني، لكن ما ليس عاديا وهو أن يكون هذا الفاعل هو الذي يتحكم في زمام الأمور ويقود الأغلبية المسيرة للمجلس البلدي لآسفي. وما ليس عاديا كذلك أن يكون رئيس المجلس البلدي، ينتمي لحزب أسس رصيده السياسي على شعارات "محاربة الفساد والمفسدين"، غير أنه عندما استتبت له الأمور وانقشعت غيوم الانتخابات يقف مكتوف الايدي أمام لوبي الفساد في المدينة، ولا يعتمد منطق محاربة الفساد بيده أو بلسانه.
كثيرون يرون في تدبير حزب "المصباح" وأغلبيته للشأن المحلي لحاضرة أسفي، نسخة طبق الأصل من تدبير رئيس الحكومة لشؤون المغاربة، فالأغلبية المسيرة للجماعة الحضرية اسفي وهذه بشهادة العديد من أبناء المدينة، فشلت في تحريك المياه الراكدة أو فتح الملفات التي ازكمت روائحها الأنوف.
وهو ما عبر عنه عبد اللطيف الفيسي، رئيس الفرع الإقليمي بأسفي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، في تصريح لـ "انفاس بريس" قائلا: "إن الإنجازات التي حققها المجلس الحضري بأسفي لحد الساعة، لم تكن بمستوى تطلعات وانتظارات ساكنة أسفي خصوصا في ظل الوعود التي تم إعطائها للساكنة من طرف مرشحي الحزب المسير للمجلس الحالي إبان الحملة الانتخابية السابقة والمتمثلة في تأهيل المدينة ومحاربة وفضح الفساد والتشغيل. فبعد مرور ما يقارب 8 أشهر على تحمل حزب العدالة والتنمية مسؤولية تسيير المجلس الحضري بأسفي، فإن القضايا الهامة التي ما فتئت تؤرق بال الساكنة وينتظرون إيجاد حلول لها، مازالت تنتظر من يحركها".
واعتبر الفاعل الحقوقي أن المجلس السابق عرف العديد من الخروقات والتجاوزات في الملفات الخاصة بالتعمير، ولم يتم لحد الساعة إخراجها للوجود وفضح مرتكبيها أهما ملف " المغيثين " وبعض التجزئات السكنية الغير القانونية، إضافة لسوء التسيير والتدبير من طرف مسؤولين بالمجلس السابق والاغتناء الفاحش بمال الجماعة.
بدوره يرى رشيد الشريعي، فاعل حقوقي، أن ساكنة اسفي ترى أن لا شيء تحقق على مستوى ارض الواقع، لأن المواطن يريد أن يوفر له المجلس البلدي شروط العمل، لاسيما أن المجلس المنتخب يجب أن يتدخل ليدافع عن حق أبناء اسفي في العمل في المشاريع التي تحتضنها المدينة. كما يجب عليه أن يقطع مع سياسة الكيل بمكيالين فيما يخص احتلال الملك العمومي وفي قطاع التعمير.
وأضاف الشريعي قائلا "أعتقد أن ما نعيشه محليا له علاقة بما هو وطني، فاليوم نسجل تراجعات خطيرة من طرف الحكومة، بحيث عدنا لسنوات الرصاص وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. هناك أمور تحدث لم تكن تحدث في عهد حكومات يمينية. فوطنيا الحكومة تلقت دعما ماليا لمحاربة الفساد، لكن على أرض الواقع مازال الفساد، بل إن الحكومة تضع حصانة للمفسدين من خلال تشريعات تحمي المفسدين وتحصنهم قانونيا مثلا–يضيف محاورنا- بالنسبة لمشروع قانون للإثراء غير المشروع، كان الحديث عن العقوبة الحبسية، اليوم نجد أن مسودة القانون تتحدث فقط عن الغرامة المالية وتم حذف العقوبة الحبسية، بمعنى أننا نقول للمفسد سرق كما تريد، لأنك في الأخير لن تعاقب سوى بالغرامة المالية. فأين يتجلى شعارات محاربة الفساد والمفسدين.
بالنسبة لعبد الجليل زرياد، مستشار عن حزب الأصالة والمعاصرة محسوب على المعارضة في المجلس الجماعي لمدينة أسفي، فإن الأغلبية المسيرة للمجلس البلدي لم تأتي بأي جديد، ولا تظهر في الأفق بوادر تنمية محلية على ارض الواقع، كل ما هناك شعارات وكلام فارغ. وجل المشاريع المنجزة حاليا هي مشاريع برمجة في المجلس السابق.
وشدد الفاعل النقابي في دردشة مع "أنفاس بريس" حول تقييم لتجربة المجلس البلدي بقيادة حزب "المصباح"، أن الشعارات التي رفعه حزب العدالة والتنمية في الحملة الانتخابية وبحكم أنه هو الذي يسير المجلس الجماعي، لم يلمسها المواطن في المدينة. وعلى سبيل المثال اليوم (التصريح تم يوم الجمعة فاتح يوليوز) لا نجد من يشرح الجثث في المستودع البلدي للأموات، بحيث الطبيب غير موجود وهي مصلحة تابعة للمجلس البلدي بحيث هناك أكثر من حالة تنتظر الطبيب لتشريح، ولا أحد هناك. إذا كان هذا حال الأموات في عهد المجلس الحالي فإن حال الأحياء أسوء بكثير.
صحيح أن عبد الجليل البداوي، رئيس الجماعة الحضرية لأسفي، يعد المسفيويين بالخير الكثير، وأن القادم من الأيام ستكون له انعكاسات إيجابية على المدينة وساكنتها، معتبرا في حوار نشرته الوطن الآن في عددها لهذا الأسبوع، أن المكتب المسير يضع اللمسات الأخيرة على البرنامج التنموي للجماعة.
مبرزا أن المجلس الحالي نجح في الحد من مجموعة من الممارسات الفاسدة التي كانت تدبر خارج الجماعة الحضرية، بشكل نهائي. وهي الممارسات التي كان يعرفها القطاع في السابق وتعيق التنمية (وهي ممارسات يعرفها المنعشين العقاريين، والمواطنين ، والجمعويين ). ونحن نتقدم في مواجهة الفساد والتقليص من منسوبه داخل الجماعة الحضرية لأسفي. مع العلم أن المدة التي قضيناها على راس الجماعة غير كافية، فمثلا وصلنا إلى نسب البث في المشاريع داخل مصلحة التعمير بنسب كبيرة جدة، وأنا أطالب أي شخص يشكك في هذا المجهود أن يأتي للجماعة ونمده بجميع الوثائق التي أؤكد ما أقول، حيث اصبحنا اليوم نشتغل في مصلحة التعمير بأريحية وشفافية كبيرة.
وكشف البداوي، أن المراحل التي وصل إليها البرنامج التنموي، تتضمن رؤية واضحة تشمل تنمية البنيات التحتية للمدينة، وإحداث بينة رياضية متطورة وتعزيز المرافق الثقافية وتعميمها ووضع مشاريع استثمارية تساهم في تقوية النسيج الاقتصادي للمدينة، بالإضافة للاهتمام بالجانب البيئي للمدينة.
واعتبر رئيس المجلس الجماعي لاسفي، أن من يقول أن الأغلبية لا تمتلك برنامجا واضحا فيجب عليه أن ينتظر صدور البرنامج التنموي للجماعة والذي سننجزه بناء على مقاربة تشاركية وبتنسيق مع المصالح الخارجية وبالتشاور مع الفاعل الاقتصادي والمجتمع المدني.
رغم الدفوعات الشكلية والموضوعية التي قدمها البداوي في مرافعتها حول تدبير الشأن المحلي لمدينة اسفي، فإن ذلك مازال لم يقنع شريحة واسعة من سكان اسفي وفعاليات المجتمع المدني، إذ يرى عزالدين الشرقاوي، محامي، والناطق الرسمي للتنسقية المحلية لمناهضة الفساد والمفسدين ، أنه من خلال دراسة العديد من الملفات لها علاقة بالمجلس البلدي، وجدنا أن المجلس الحالي بعيد عن انشغالات الساكنة ولم يقدم أي جديد فيما يخص ملف الأحياء الهشة والمهمشة، وملف تشغيل المعطلين، وملف الملك العمومي الذي يستحوذ عليه عدد من النافذين. الأمر نفسه في ملف البيئة حيث أصبحت اسفي مزبلة كبيرة بسبب مصنع الإسمنت الذي تحرق فيه نفايات بعض الدول الأوربية، ناهيك عن مشكل النظافة ومشكل النقل الحضري.