من كلف الرميد والداودي بتبييض حامي الدين من جريمة قتل آيت الجيد في "سولوفان" حقوق الإنسان؟

من كلف الرميد والداودي بتبييض حامي الدين من جريمة قتل آيت الجيد في "سولوفان" حقوق الإنسان؟ المتهم حامي الدين، يتوسط، مصطفى الرميد، و لحسن الداودي ( يسارا)
بماذا يمكن تفسير حضور وزيرين ينتميان إلى الحكومة، في ندوة متهم بجريمة قتل، ومطالب بالمثول أمام قاضي التحقيق، يوم الإثنين 5 مارس 2018، في قضية اغتيال الطالب عيسى آيت الجيد؟
ما رمزية وجود مصطفى الرميد، الوزير المكلف بحقوق الإنسان، ولحسن الداودي، وزير الشؤون العامة والحكامة؛ في ندوة الغاية منها تبرير جريمة القتل وتحقير مقتضيات العدالة، والسخرية من هيبة القانون ووقار الدولة وهيبة الحكومة؟
ما معنى كل هذا التضامن والمساندة اللامشروطة لعبد العالي حامي الدين في ملف اغتيال "الشهيد" عيسى أيت الجيد، إلا إذا كان الهدف منه التطاول على قرارات السلطة القضائية، واعتبار "الدم الأصولى" أزكى وأطهر من "دماء القاعديين"، ولو كان المتهمبالقتل"أصوليا" والقتيل "قاعديا" ومن الأسرة اليسارية؟
مصطفى الرميد ولحسن الداودي؛ هما أولا، وزيران في حكومة تجمع أطيافا حزبية وسياسية، والمفروض في الوزير ألا تحركه "جيناته" الأصولية للانتصار للجلاد على الضحية.
الواجب على الوزير أن تسمو به مسؤوليته الوزارية فوق "عصبيته" الحزبية والإيديولوجية، لأنه أصبح وزيرا لكل المغاربة، منهم الأصوليون والمعتدلون والملحدون واللائكيون والمشركون والمصلون والمجرمون والمارقون... وهلم جرا... والخطير في الأمر أن مصطفى الرميد كان وزيرا للعدل في حكومة بنكيران، والحكمة تفرض عليه أن يتحلى ويلتزم بالاحترام الواجب للسلطة القضائية، بحكم أنه كان "الساهر الأول"على احترام روح القوانين.
فحضور مصطفى الرميد، بكل هذا الثقل الذي تمثله الحقيبة الوزارية السابقة التي كان يحملها، أي وزير العدل، والحقيبة الحالية التي مازال يحملها، الوزير المكلف بحقوق الإنسان، في ندوة لتبييض جريمة القتل في"سولفان" حقوق الإنسان، إنما هو ضحك على الذقون، وفضيحة بمنتهى المقاييس، وتحدّ سافر للشخصية التي ينبغي أن يتمتع بها رجل الدولة الذي يرفض أن يدس أنفه في أي ندوة تحوم حولها "الشبهات"، لاسيما وأن موضوع الندوة تحول إلى "مزاد علني" لتبخيس دماء "الشهيد" عيسى أيت الجيد.
السؤال الذي ينبغي أن نطرحه على الوزيرين مصطفى الرميد، ولحسن الداودي: هل عبد العالي حامي الدين متورط في اغتيال "الشهيد" عيسى أيت الجيد أم لا؟ لا تهم كل التفاصيل الأخرى، المهم هو أن المغاربة سواسية أمام العدالة، والقضاء يتمتع باستقلالية تامة، والنيابة العامة غير تابعة إلى أي جهة. فكل الأقاويل والاتهامات بتحوير قضية اغتيال أيت الجيد هو استهداف لحزب العدالة والتنمية، مجرد أكاذيب وكيل بمكيالين.
في عهد قريب، في زمن حكومة بنكيران، بعد انتشار مقتل مصطفى الحسناوي، الطالب الذي ينتمي إلى منظمة التجديد الطلابي المحسوب على حزب العدالة والتنمية، على يد طالب قاعدي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس سنة 2014، استأجر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران طائرة خاصة مع قادة حزبه لترؤس حفل تأبين مصطفى الحسناوي بمسقط رأسه بالراشيدية، وقال حينها بنكيران في حفل التأبين ما لم يقله مالك في الخمر، وأوغر الصدور، وهاجم القاعديين. لكن حين تعلق الأمر بقضية عيسى أيت الجيد، تحدى بنكيران القضاء علانية في المؤتمر الأخير لشبيبة حزبه وقال بلسان الواثق "لن نسلمكم أخانا عبد العالي حامي الدين".
الأصوليون يحللون حتى غرائز القتل وسفك الدماء، ويلبسونها ثوب "الطهرانية". يستبيحون القوانين باسم الله، ويرفعون الأسعار باسم مصلحة الشعب، ويركبون "الأودي" ويسكنون الفيلات، ويسمون "الزنا مع المحصنات ومع العزبات" مساعدة على القذف، باسم الإسلام، ويرفعون القرآن، ويرقعون ملصقات الحملات الانتخابية بالخط العثماني، ويرفعون مكبرات أصوات شرائط الذكر الحكيم كأنهم في غزوة.
قضية عبد العالي الدين تشبه "الغزوة" التي يستبيح فيها الأصوليون سفك الدماء، ويبيحون غريزة القتل. لذا فاغتيال عيسى أيت الجيد كان بمشيئة الله، وبفعل القضاء والقدر، أما عبد العالي حامي الدين فلم يكن سوى سبب، وإنما الأسباب من الله. "فلا تجعلوني مجرما"، هكذا يقول لسان عبد العالي حامي الدين.. "بل أنا ولي من أولياء الله الصالحين"... لأن ندوة رئيس منتدى الكرامة الذي كان سيهين "كرامة" الصحافة لولا الأقدار الإلهية، كان هادئا وهو يتحدث عن خلفيات جريمة قتل عمرها 24 سنة، وهو مازال يتحدث عنها بقلب بارد، كأنه متهم بقتل صرصار تسلل من مياه المجاري.