حيمري البشير: على هامش جنازة محمد شاشا

حيمري البشير: على هامش جنازة محمد شاشا

إلى محمد شاشا في مثواه الأخير

من أفسد جنازة وداع لرفيق أحببناه وكنا نتمنى أن يبقى حيّا حتى يحقق قاسما مشتركا بينه وبين جيل من الذين تشبعوا بثقافة، أرادوا التضييق عليها لسنوات، وكان حلمه، إلى جانب جيل من الرفاق أن تنال ما تستحقه، لكنه رحل، دون أن يرفع الحيف، دون أن يساهم في تفعيل الفصل الذي جعل الأمازيغية لغة ثانية في البلاد.

إعلان رحيل محمد شاشا، حدث غير عادي بالنسبة لرفاق دربه في الهجرة، لقبيلته التي كانت تأمل أن يعود ليرفع عنها الحيف، ولكي يقود النضال من الأرض التي أنجبته بلهجة كانت هي السائدة.. محمد شاشا قابوياوا سعيدة بعودتك لتدفن في ترابها، لكنها تبكيك لأنك كنت أملها الوحيد القادر على ركب التحدي لوقف قمع المخزن، بلهجة أمازيغية، وقيادة جيل جديد لإخراج المنطقة من معاناتها التي دامت لسنوات.. شاشا الذي غيبته السنون في هجرة اضطرارية وقمع مستمر، عاد في نعش محمول بعلم التحدي، الذي حمله في كل ندوة أو تظاهرة أو سهرة، وهو يعزف على عوده، رافعا صوته الشجي.. أصر شاشا أن يعود إلى قابوياوا ميتا في نعش ملفوف، وهو يعلم أنه سيتعرض للاعتقال حتى وهو ميت.. حاصروك أيها الرمز الأمازيغي، وإن كانوا يعلمون أنك غادرت هذه الدنيا دون رجعة.. لكنهم يعلمون أنك في ذاكرة الأمازيغ من قبيلتك، بل كل الذين عاشروك وتابعوا سنوات النضال التي قدتها من أجل الكرامة، من أجل أن يكون لي ولَك وللآخر أن يسمي أبناءه وبناته بأسماء أمازيغية دون حصار، من أجل المزيد من الحريات بعد سنوات طويلة من التضييق...

شاشا رحلت عنا، ولكنك تركت تاريخا، تركت شعرا غزيرا، تركت عودا بقي يتيما، تركت لغطا، حركه التكفيريون الذين نغصوا على رفاقك حزنهم وخسارتهم في فقدانك.. هم منافقون يحسدونك حتى في موتك، وهم يعلمون أنك استسلمت لخالقك.. وأقاموا جنازة لك احتراما لك ولنضالك.. ولأنك تركت وصية دفنك في أرض أجدادك.. عشت لسنوات بعيدا، لكنك كنت باستمرار فزاعة ترهبهم.. عدت لإقامة دائمة بينهم، وقررت أن تلزم الصمت إلى الأبد، لكنهم لن يستطيعوا إيقاف جيل تشبع بأفكارك وقرروا مواصلة رسالتك وتحقيق حلم مشترك يراود الملايين.

نم مطمئنا في "ميلادك" الأخير، فسوف لن ننساك.. سنزور قبرك ونحمل لك وردا ونقف أمامك مرددين "أشارك" التي حفظناها عن ظهر قلب...