«آمحمد صاحب الشفاعة» الأغنية الوطنية المشرقة التي جمعت الثالوث الخالد إسماعيل أحمد وأحمد الطيب لعلج وعبد القادر الراشدي

«آمحمد صاحب الشفاعة»  الأغنية الوطنية المشرقة التي جمعت الثالوث الخالد إسماعيل أحمد وأحمد الطيب لعلج وعبد القادر الراشدي

لعب الفنان عبد القادر الراشدي دورا كبيرا في صنع نجومية المطرب إسماعيل أحمد الذي برز، في بداية حياته الفنية خلال خمسينيات القرن الماضي كعازف كمان، لكن الراشدي سيكتشف جمال صوته وخصوصية خاماته فيهديه أولى الأغاني الوطنية الذي جعلته نارا على علم في فضاء الغناء الوطني خلال تلك الحقبة. تم ذلك سنة 1963 حين غنى إسماعيل أحمد من كلمات الممثل والزجال حمادي التونسي أغنية «ناديني يا ملكي يا حبيب الشعب» عن حرب الرمال التي نشبت يومها على الحدود مع الجزائر. لقد كانت تلك الأغنية ذات طابع حماسي يحفز الهمم الوطنية مسايرة للروح التي جعلت القوات المسلحة الملكية تهزم نظيرتها الجزائرية على الحدود الشرقية، الأمر الذي جعلها النشيد اليومي للمغربة في تلك السنة حيث كان الجميع يردد مع إسماعيل أحمد:
«طايع راضي نموت شهيد أنا وولادي/ نضحي بشبابي ونهدي عمري وما عندي/ في سبيلك يا بلادنا».
سنة بعد ذلك، سيهديه الراشدي ثاني تحفة غنائية ذات طابع وطني هذه المرة بعنوان «المثل العالي» أو كما ردده المغاربة باسم «أمحمد صاحب الشفاعة»، وهي من كلمات الفنان المسرحي والشاعر الغنائي أحمد الطيب العلج الذي كان آنذاك قد تكرس كأحد أكبر رواد المسرح المغربي منذ خمسينيات القرن الماضي.
ثلاث مقومات كبرى اجتمعت لهذه الأغنية لتجعلها من خالدات الطرب المغربي: فرادة صوت إسماعيل أحمد، أصالة الكلمات التي نحتها العلج من التراث الابتهالي الديني والشعبي، ورونق الألحان التي أبدعها عبد القادر الراشدي الذي برز آنذاك كأحد مؤسسي الأغنية العصرية في مغرب الستينيات. وفي نظرنا فالقيمة الكبرى لهذه الأغنية ليست كامنة فقط في تميزها الصوتي والموسيقي، أو في مضمونها الديني الابتهالي المتمثل في مشاعر التوسل من أجل الرجاء في شفاعة النبي، ولكن في صورة الإسلام المنفتح التي تبشر به آنذاك استنادا إلى سيرة محمد (ص) الذي تتغنى بها الأغنية كمنبع للنور وكمصباح للهدى اللذين يعلمان الناس قيم المحبة والرحمة والأخوة والوفاء والسماحة ونكران الذات...
الميزة الثانية للأغنية تتمثل في أنها جمعت بين بعد الابتهال الديني (الخاص بذكر مناقب لرسول الكريم وبهاء سيرته المثلى، وبعد التغني بالملك الحسن الثاني، حيث يرد في الأغنية:
«يا مصباح الهدى يا النبي خاتم الرسل / بجاهك عند الله الكريم تسود الحكمة/ وحفيدك يوفقه الله ويسرح الخبال / ربي يا ربي تأيده وتسدد خطاه/ حتى ينصر علام النبي والمثل العالي»...
نظرا لكل ذلك عرفت هذه الأغنية نجاحا جماهيريا غير مسبوق في تاريخ الغناء الديني والوطني لدرجة لم تبق معها الأغنية حبيسة الطقوس والمناسبات الدينية والوطنية، ولكنها صارت تتردد على امتداد السنة، وفي كل الأعياد والأفراح بما فيها أعراس المغاربة حيث تبنت الأجواق، إلى اليوم، فكرة أن تجعلها أغنية الافتتاح تيمنا بمضمونها الديني وبذكر الشهادة، وتبركا بالصلاة على النبي الكريم. كما أن مطربين ومطربات كثرا، ومن مختلف الحساسيات والأجيال، حرضوا على أن يعيدوا تقديم الأغنية في مناسبات مختلفة، وفي مقدمتهم شيخ طرب الملحون الراحل محمد بوزوبع، إضافة إلى مغنين لآخرين تميزت من بينهم كل من حياة الإدريسي ولطيفة رأفت.

 

كلمات الأغنية

 

أمحمد صاحب الشفاعة والنور الهادي
أمحمد بك تنشهد من بعد الله
 أمحمد كن لي شفيع يوم الميعاد
أنت عين الرحمة يا النبي عظيم الجاه
عطت ألمثل في الصبر والإيمان الصادق
بالدعوة لله وحده العالي القدير
وكنت قدوة لكل مؤمن ، والمؤمن الصادق
 بالحكمة والصبر والثبات وحسن التدبير
 أنت في الدنيا عنايتي وفي الأخرة زادي
وأنت في الشدة حمايتي يا حبيب الله
 أنت مقصودي، وغايتي باسمك نادي
 يا منبع النور كن لي يا رسول الله
علمت للناس المحبة بالقلب الصافي
والرحمة و الخوا  والعوين والنكران الذات
 بشرتي بالخير والسماحة والطبع الوافي
 وريتي للإنسان طريقه للحسنات
يا مصباح الهدى يا النبي خاتم الرسل
بجاهك عند الله الكريم تسود الحكمة
 وحفيدك يوفقه الله ويسرح الخبال
ويرفع مقام الحق ومقام الأمة
 ربي يا ربي تأيده وتسدد خطاه
 حتى ينصر علام النبي والمثل العالي
 وتحفظه حفظ اللسان يتحقق مناه
هو وأولاده وأمته يا نعم المتعالي