أيتها الأحزاب ادخلوا البيوت من أبوابها: متى كان الملك موضوعا لحملة انتخابية؟

أيتها الأحزاب ادخلوا البيوت من أبوابها: متى كان الملك موضوعا لحملة انتخابية؟

مع قرب الاستحقاق التشريعي القادم المقرر في 7 أكتوبر 2016 زادت الأحزاب السياسية من منسوب التسخينات، ليس في إطار التدافع بينها لصياغة برامج وتصورات تروم الرفع من الناتج الداخلي الخام أو تحسين جودة عيش المواطنين وخلق فرص الشغل وتحسين ترتيب المغرب بين الأمم في المجالات الحيوية (تعليم + صحة + بيئة + نقل إلخ ...)، بل في إطار المزايدة بين زعماء الأحزاب ورغبة كل واحد في أن يظهر  هو الأقدار على تحويل الملك إلى موضوع انتخابي .

فالمتتبع للنقاش الدائر حاليا حول إصلاح مناهج التربية الدينية لتنقيتها من الشوائب التأويلية الطاعنة في "الطلبنة" و"الدعشنة"سيصاب بالدهشة وهو يرى تسابق القادة الحزبيين على جعل الملك محمد السادس محورا للحملة الانتخابية. ويتجلى ذلك في انتصاب هذا الزعيم أو ذاك في تقمص شخصية الوصي على الدين بالمغرب، وهي ظاهرة مقلقة لم تعد مقتصرة على حزب المصباح لوحده، إذ انخرط حزب الاستقلال بدوره في اللعبة وبدأ يزايد على بنكيران في كونه "الحزب الأكثر مشروعية" في المنافحة على الدين.

الدليل على ذلك أن حزب الاستقلال، حزب علال الفاسي السلفي المتنور، أخذ ينزلق نحو أصولية ملحوظة في عهد شباط بالاعتراض على مصطلح "تربية دينية" لتعويض " تربية إسلامية"، والحال أن لفظة "دينية" لا تنهض مطلقا كتعارض مع "إسلامية"  بحيث انبرى قادة استقلاليون للاستشهاد بالدستور وبالهوية المغربية، والحال أن ملك البلاد في مجلس وزاري بالعيون (فبراير2016) هو من أمر، بوصفه أمير المؤمنين، ب "ضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية".

إن المزايدة بين الأحزاب في موضوع التربية الدينية وتحويل الملك إلى موضوع انتخابي لا يوجد له تفسير سوى في سابقة 2011 حينما جعل عبد الالاه بنكيران حملته الانتخابية هي الملك وما كان يردده من وعد ووعيد آنذاك (يا جلالة الملك لقد قلنا لكم ! يا جلالة الملك إننا نحن من عاش من ذلك! يا جلالة الملك إننا نخبرك !إلخ...) بشكل جعله يحصل على غنيمة انتخابية في البرلمان.

هذا التكتيك فتح شهية حزب الاستقلال هو الأخر وبدأ يزيد من جرعة استعمال الملك في حملته الانتخابية من مدخل التربية الدينية، والحال أن الشعب لم يمنح الأحزاب التفويض في الدين ، بل يمنحها التفويض لتحسين وتجويد المرفق العام بما يخفف العذابات اليومية للمواطنين.

إن الانتخابات تقود إلى إدارة شؤون البلاد من خلال كرسي الحكومة، والحكومة لها سقف دستوري يهم، كما قلنا، تحسين عيش السكان، وليس تقليص  صلاحيات الملك أوتوسيعها. بدليل أن بنكيران الذي اتخذ الملك موضوعا لحملته الانتخابية عام 2011 سرعان ما تناسى كل ما كان يصدح به في التجمعات الانتخابية فورتنصيبه رئيسا للحكومة.

إن سقف اللحظة الانتخابية معروف، ومن يريد تحويل الملك إلى موضوع فقد أخطأ العنوان. والأحزاب عليها أن تساهم في ترشيد الحقل السياسي واحترام ذكاء المواطن.

إن الأحزاب إذا أرادت جعل الملك موضوعا، فلتكن لها الشجاعة لتحرير مذكرات مطلبية تتضمن إصلاحاتها الدستورية ومطالبها السياسية.أما الآن فالرأي العام يريد أجوبة عن مشاكل البطالة والغلاء وانهيار القدرة الشرائية وتردي جودة العيش بالمدن والقرى.

إن الأحزاب أناط بها المشرع الدستوري تأطير المواطنين وتتوصل لأجل ذلك بالمال العام، ومن حقنا على الأحزاب أن نسائلها عن هذا الدور، حتى لا يتحول حزب الاستقلال أو الاتحاد الإشتراكي إلى أرنب سباق لتمهيد الطريق لبنكيران بشكل يزيد من الالتباس والتسيب في الحقل السياسي العام.

يا زعماء أحزابنا: آتوا البيوت من أبوابها.