محمد المرابط: "إعلان طنجة" الحقوقي، وتفعيل مرجعية إمارة المؤمنين للطي الإنساني لملف الحراك!

محمد المرابط: "إعلان طنجة" الحقوقي، وتفعيل مرجعية إمارة المؤمنين للطي الإنساني لملف الحراك! محمد المرابط

توصلت من  الدكتور عبد الوهاب تدموري المنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، بدعوة كريمة لحضور ندوة: الحراك وسؤال الديموقراطية وحقوق الإنسان، التي احتضنها مقر المنتدى بطنجة يوم السبت 24 فبراير 2018، لكن مع الأسف لم أتمكن من حضورها، وإن كانت تقنيات الاتصال المعاصرة، قد مكنت عشرات الآلاف من مواكبتها. وأثمن بالمناسبة في الدكتور التدموري انفتاحه على مختلف المشارب الفكرية الملتزمة بالقضايا الحيوية للريف وللوطن. ولدي من خلال هذه المواكبة جملة انطباعات:

1- لقد سبق منع إقامة هذه الندوة في مكان عمومي بالحسيمة ومرتيل، وهو أمر مسيء جدا للحريات العامة، ولأفق إرادة التجاوز الواعية لعثرات سيرنا الجماعي، ومسيء أيضا حتى لصورة رجال السلطة (الوزير والوالي والعامل ومعاونيهم) المنتمين للريف الكبير، لدورهم المفترض- بحكم رصيد علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية - في تطبيع الحياة السياسية بالحسيمة من منطلق تجسيد المفهوم الجديد للسلطة. وبالقدر نفسه، فهذا المنع مسيء أيضا لوزير العدل، المنحدر من صنهاجة السراير بالريف الأوسط.

إن مسلسل هذا المنع لمحاصرة الندوة في قاعة ضيقة بمقر المنتدى، لم يجعل هذا الأخير يسقط في ردود الفعل، بل حرص وبنفس تعبوي، على صنع مؤشرات لمعادلة واعدة على طريق الحل السياسي لملف الحراك، من هنا تكون هذه الندوة- وهي تقرأ الحراك بالمقترب الحقوقي والسياسي، بما يضمن قدرا من التوازن والموضوعية في هذه القراءة- قد نحتت عتبات لمدار رؤية متوازنة لحراك الريف.

2- لقد تناولت الكلمة في الجلسة الصباحية، عائلات المعتقلين. وكانت بصيغة المؤنث كلها. وقد اعتبر مدير منظمة العفو الدولية بالمغرب، الاستاذ السكتاوي، أن كلمة أم المعتقل محمد جلول كانت سريعة النفاذ إلى قلبه بالرغم من عدم معرفته بالريفية. وقد أحالتني بلاغة هذا الإحساس على إمكانية تفعيل مرجعية إمارة المؤمنين للطي الإنساني لكل معاناة ملف الحراك.ولتمهيد النظر في رحابة حيوية مؤسساتنا الجامعة للأمة، يمكن القول: إن مؤاخذة الحراكيين، لا تمنع من ضرورة تفهم معاناة عائلات المعتقلين، والتجاوب مع متطلبات التخفيف عنهم. ولنا في أنسنة تجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع عائلات معتقلي عكاشة خير مثال في هذا الباب. وقد حملتني تدخلات جانب من عائلات المعتقلين، على التساؤل عما إذا كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على كفاية من معرفة أوضاع المعتقلين بالسجون الأخرى، خارج عكاشة؟

الصيغة المؤنثة في حضور عائلات المعتقلين، جعلتني أستحضر غياب الزفزافي الأب. وقد سبق أن نوهت بحدث حضوره الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الموحد-حتى وأنا لا أتفق مع طريقة استعادته للتاريخ يومئذ، ولا بعده في برشلونة - لأنه ما كان يهمني من خلال هذا الحضور، هو تصحيح خطأ الحراك في شأن ما يسمى بـ:"الدكاكين السياسية"، و"الجمعيات الممخزنة". من هنا أعتبر حضور عائلات المعتقلين خطوة متقدمة على طريق هذه المراجعة. وقد كانت أم الأستاذ جلول رائدة في هذا الجانب، من خلال حضورها الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالحسيمة.

3- لقد ساءلت الندوة الوضع الحقوقي لمخرجات الحراك، كما ساءلت النخب السياسية والفكرية ،وأداء الحراك نفسه. ولعل هذا المنجز المتوازن، لم يرق جانبا من الحركة الأمازيغية، ومن جمهوريي أوروبا. فالفاعل محمد حميش من جمعية "يوبا للثقافة والتنمية "بطنجة، اعتبر في تدوينة له، أن "ندوة طنجة ركزت على استنكار موقف الحراك من النخب والدكاكين السياسية، وهذا يكشف تهافت هولاء (..) أشباه المثقفين ومناديب الدكاكين السياسية والحقوقية". وختم تدوينته بالقول: "إن كان هناك من كلام مجد فليوجه مباشرة إلى الجلاد وليس التنقيب بين تلابيب الضحية يا نخبة آخر زمن، وحقوقي الساعة الخامسة والعشرين".

أما نوفل المتوكل من لندن، فقد انتقد - على خلفية القول بتقرير المصير والجهاد - ندوة طنجة ومشاركة عائلات المعتقلين فيها. كما انتقد اسم المنتدى المضاف "لشمال المغرب"، لكونه يعترف بما سماه بـ"النظام المغربي الديكتاتوري"، وأن أفق عمل المنتدى لا يندرج ضمن العمل التصعيدي ضد النظام. ومن هذا المنطلق انتقد مؤتمر باريس المرتقب للريفيين، الذي يسهر على ترتيباته ديموقراطيو الحراك بأوروبا. كما تحامل يوبا الغديوي من دوسلدورف، على لقاء طنجة لاعتبارات تقاطبات تمثيلية الحراك.

4- لقد خلفت الندوة أصداء إيجابية بالداخل والخارج. وقد حمل هذا النجاح القسم الأمازيغي باﻹذاعة الوطنية على إجراء حوار مع الدكتور عبد الوهاب تدموري، والدكتور سفيان الحتاش، والباحثة كريمة وعلي. ويمثل هذا المستوى من انفتاح الإعلام الرسمي على المنتدى، خطوة في اتجاه تصحيح الأمور، لا تقل أهميتها في مستوى آخر، عن التعاطف الإنساني، الذي عبر عنه معتقلو عكاشة على لسان الزفزافي، مع الوضع الصحي لعاهل البلاد. ويبقى الأمل في أن تتتابع تباشير الإنفراج بالسماح بوساطة المنتدى، ضمن المبادرات المدنية، في الحل السياسي لملف الحراك